أحد الأبرار والصّديقين

القراءات:

عبرانيّين ١٢: ١٨-٢٤؛ متّى ٢٥:٣١-٤٦ 

تحتفلُ الكنيسةُ في هذا الأحد بتذكار الأبرار والصّديقين، أي المؤمنات والمؤمنون الّذين لم تُعلَن قداستُهم ولكنّهم توفّوا برائحة القداسة. إنّ الدّعوةَ للقداسةِ هي دعوةٌ شاملة، ويؤكّد ذلك القدّيس بولس فيقول: “لأَنَّ هذِهِ هِيَ مشيئةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ” (١ تس ٤: ٣). فالأبرارُ والصدّيقون هم الّذين عرفوا أنْ يسْتَثْمِروا الوزناتِ في حياتِهِم، فقبلوا عطيَّةَ الله واستثمَروها، وعرَفوا أَنْ يجسِّدوا محبَّتَهم لله وللقريبِ بأعمالِ الرَّحمة.

١. يسوع معلّمُ المحبّةِ المتجسّدة

إنَّ المسيحَ يسوع لمْ يَقِفْ يومًا موقفَ “اللَّامبالاة من كلّ ما يمتُّ بصلةٍ إلى كرامةِ الإنسانِ وحقوقِه وحاجاته” وبخاصَّةٍ كرامة الفقراء والمساكين والمظلومين. وقد ساوى نفسَه بهم فقال “كلّ ما عملتموه لأحدِ إخوتي هؤلاء الصّغار، فلي فعلتموه” (مت ٢٥: ٤٠). لم يقُمْ بأعمالِ محبَّةٍ وحَسْب، بل هو المحبّة المتجسّدة.

٢. الكنيسةُ تجسّدُ عملَ المسيحِ وتعاليمَه

إنَّ الكنيسة، عروس المسيح، تُكملُ عملَ معلّمِها وتحفظُ وصاياه وتتماهى معه. لذلك عليْها أنْ تشهدَ للحقيقةِ بمحبّةٍ حتّى بذل الذّات. فكلُّ هذه الأسُس، على الكنيسة أَنْ تعيشَها وتجسّدَها وتعلّمَها. وهذه الكنيسةُ تشكّلُ جسدَ المسيحِ السّري، وأعضاؤها هم جماعةُ المؤمنين المعمَّدين، ومن بينهم الأبرار والصّديقون الّذين اكتشفوا دعوتَهم في الكنيسةِ وعاشوا بمحبَّةٍ وتواضُعٍ وطاعةٍ لرأس الكنيسة.

٣. الأبرار والصّديقون هم الأمينون على تعليم الكنيسة

إنَّ المحبَّةَ والتواضعَ والأمانةَ والطّاعة، فضائلُ تنمّي جسدَ المسيحِ السّري وتجعلُ أعضاءه متماسكة. لذلك فإنَّ الّذين يُنصّبون اليوم أنفُسَهم معلّمين ولكنّهم ينتقدون الكنيسة في تدابيرها وتعاليمها بحجّة الأمانة، ويدّعون القداسة، يجعلوننا نتساءل: هل حقًّا هكذا كان الأبرار والصّديقون؟ تأتي البرارةُ والقداسةُ عندما نُصغي إلى صوت الله في الكنيسة، ونطيعُ تعليمَها ونستقي من أسرارِها الخلاصيَّة. وهكذا نُكملُ بمَوْتِنا في كنيسةِ السَّماءِ ما بدأْناه في كنيسةِ الأرض.

صلاة

أهّلْنا يا ربّ أنْ نكونَ، على مثالِ الأبرارِ والصّديقين، قدّيسين “بلا عَيْب في المحبة” (أفسس ١: ٤)، فنُكمل عملَكَ في العالَم، ونهتمّ بالمساكين والفقراء والمعْوَزين، فنُجسّد محبّتَنا لكَ بمحبَّتِنا للقريب، ونُحقّق بذلك وصيَّتَك بأنْ نُحبَّ بعضنا بعضًا كما أنت أحببْتنا، لك المجد إلى الأبد آمين.