أحد بشارة العذراء

القراءات:

غلاطية ٣: ١٥ – ٢٢؛ لوقا ١: ٢٦ – ٢٨

 حدث البشارة، حدثٌ عظيمٌ! نستذكره كلّ يوم في صلاةٍ عُرِفَت بالتبشير الملائكيّ، نطلبُ فيها من العذراء أن تقود خطانا فيعطيَ إيماننا الثمرة المرجوّة. في هذا الأحد من زمن المجيء، هلمّوا نتأمّل أيضًا بهذا المشهد الفريد كما رسَمَه لنا الإنجيليّ لوقا.

ملاك الربّ بشّر أمّنا مريم العذراء

“كانت مريم تحفظ هذه الأمور كلّها وتتأمّلها في قلبها.” (لو ٢: ١٩، ٥١) لمرّتَين اثنتَين في سياق أناجيل الطفولة يصِفُ لنا لوقا مريمَ وهي في حالة إصغاءٍ وتأمّل. لا شكّ في أنَّ تلك كانت حالتها في اللحظة الّتي دخل إليها الملاك مُعلنًا لها السَّلام. لقد وجدَتْ هذه البشارة أرضًا خصبةً لها في قلبٍ صامتٍ يتأمّل، حاضرٍ بكلّيّته وفي كلّ لحظةٍ أمام الله. علّمينا يا مريم نحن أيضًا أن نُسكِّتَ كلّ الضجيج الّذي من حولنا، وكلَّ الكلمات الميّتة والمميتة، فنرى بيقينٍ تجليّات الله لنا ونفهم إرادته في حياتنا.

قالت مريم للملاك: ها أنا أمةٌ للربّ

لم تقبلْ مريم بشارة الملاك إلَّا بعد أن استفسرت عن معنى هذا السلام. يختلف سؤالها جذريًّا عن سؤال زكريّا الكاهن، أوّلًا من حيث الشكل، فمريم سألت: “كيف؟” ولم تطلب آيةً: “بماذا؟”، وهي بذلك أرادت أن تعبّر عن انذهالها أمام حدثٍ سوف يتمّ، ولم يحدثْ مثله قطّ في تاريخ شعب الله. علّمينا يا مريم على مثالك أن نندهش أمام عمل الله في حياتنا، وألّا نخضع لمنطقنا البشريّ، بل أن نسلّمَ ذواتنا بكلّيَّتها إلى عمل قدرة روحه القدّوس.

الكلمة صار بشرًا وسكن بيننا

بعد الاصغاء وبعد القبول، ها قد حلَّ الكلمةُ الحيّ في أحشاء مريم البتول ومنها قد نسج بشريّتَه. لقد أثمر إيمان مريم الثمرة المباركة، وهي تعلّمنا بدورها أنَّ الـ”نعم” الّتي نردّدها دائمًا للربّ تغيّرنا في العمق، فيسكن يسوع فينا، لننقله إلى الآخرين كما هي نقلته إلى نسيبتها إليصابات. كوني يا مريم العين الساهرة على يسوع الّذي نحمله. لا تسمحي بأن تخنق أشواك الهموم والملذّات وَهْجَه فينا، فنصغي على غراركِ إلى الكلمة بقلبٍ صالحٍ ونحفظها، ونُثمرَ بثباتنا فيها. آمين.