أحد مولد يوحنّا

القراءات:

غلاطية ٤: ٢١-٣١، ٥: ١؛ لوقا ١: ٥٧-٦٦

كلّ ولادةٍ جديدةٍ تحمل في ذاتها الفرح والغبطة. فالطفل، كلّ طفل، يرمز إلى الحياة التي يهبها الله جيلًا بعد جيل، والحياة والفرح مُرادفان. بدوره يوحنا هو الفرح الذي طال انتظاره، فلَطالما صلَّى زكريّا وأليصابات كي يهبَهما الربّ علامة البركة، ولطالما انتظرا وترقَّبا عطيّة الحياة. ولأنَّ الفرح الحقيقيَّ لا تحبسه الجدران، نرى كيف أنّ جيران أليصابات وأقاربها “فرحوا معها”. فيوحنّا علامة على حنان الله الذي يحلّ على الرغم من ثِقْل الانتظار.

مشهد الولادة المُنتظرة يُعلّمنا أن نتمسّك بالرجاء على الرغم من قساوة الأيَّام والظروف الصعبة. فالله يُحقِّق وعودَه حيث تعجز قدرة الإنسان على إحداث فرقٍ أو جديد. يأتي الرجاء ليفتح عيوننا على الخلاص الذي يُحقِّقه الله في واقعٍ مُستحيلٍ في نظر الإنسان. ولعلَّ في ذلك دعوةً كي يدركَ المؤمنُ أنّه لا يحمل الخلاص في ذاته، بل عليه أن يستقبله كعطيّة من الله. فلو أنّ الحلول البشريّة كانت مُجْدِيَة لَتكبَّرَ الإنسان وجعل من نفسه إلهًا.

وهكذا جاء مولد يوحنَّا عطيَّةً من الله. فالجديد الذي يحمله يتجلّى في كَسْر التقاليد التي تحكم بأن يُسمَّى على اسم أبيه. فولادته ليست استمراريّة لنسلٍ بشريٍّ وحسب، بل هي تجلٍّ للجديد الدائم الذي يضعه الله في روتينيّة الحياة البشريّة. وما بين القديم والجديد، عبورٌ من الصمت إلى الكلمة يقود بزكريّا إلى النطق ومُباركة الله وتمجيده. فالكلمات التي قالها زكريّا علامة على تحوّله من تمتمةٍ عقيمةٍ جامدة إلى تمجيدٍ مُفعمٍ بالرجاء والفرح والحياة. فعطيَّة الله هي في حياته صلاةٌ جديدة وإيمان وفرح.