الأحد التاسع من زمن العنصرة – يسوع في مجمع الناصرة

القراءات:

٢ كورنتوس ٥: ٢٠-٦: ١٠ ؛ لوقا ٤: ١٤-٢١

اليوم تمّت هذه الآية بمسمع منكم

بعد أن تأمّلنا الأحد الماضي في “روحانيّة الرّسول”، تضع لنا الكنيسة المارونيّة في هذا الأحد قراءات تساعدنا على التأمّل في موضوع “برنامج الرّسول”. إنّ المُرسل الأوّل هو يسوع المسيح، ومن برنامجه هو تستمدّ الكنيسة برنامجها الرّسولي.

١ . المسيح هو المرسل الأوّل

كان الرّوح القدس يقود يسوع، وبعد أن صام أربعين يومًا في الصّحراء، قاده الرّوح إلى الجليل، وبما أنَّه أتى ليكمّل لا لينقض الشّريعة، كان يكرّس يوم السبت في الهيكل ككلّ مؤمن يهودي. وكما كان منذ طفولته يُصغي إلى العلماء في الهيكل ويسألهم، نجده اليوم يعلّم هو في المجمع وقد دُفع إليه كتاب النّبي آشعيا، في المطلع الأوّل من الفصل ستين، “روح الرّب عليّ لأنّه مسحني… وأرسلني”، وإذ بنفسه يقول: “اليوم تمّت هذه الآية بمسمع منكم”.

٢. الله يسمع صراخ شعبه

الله حاضر وفاعل في تاريخ البشريّة، وهو سيّد هذا التّاريخ على الرّغم من الفساد والظّلم والاستبداد والشّرور الّتي عانت ولا تزال تعاني منها البشريّة. وأتى جواب الله في الابن حيث تجلّت هذه المحبّة وهذا الحضور الفاعل على الصّليب فالموت فالقيامة. و يُظهر لنا الإنجيلي لوقا في الفصل الرّابع من إنجيله برنامج المسيح، الّذي في الوقت ذاته فيه جواب الله على صراخ شعبه الفقير، والمأسور، والمظلوم. ونحن اليوم بأمسّ الحاجة لكلمة الرّجاء هذه، الّتي لم ولن نسمعها في أيّ خطاب زمني، نسمعها فقط في كلمة الله مصدر رجائنا. ما يعزّينا اليوم هو إيماننا بأنّ الله، كما سمع في الماضي صراخ دم هابيل وصراخ شعبه في أرض العبوديّة، وتدخّل في تاريخ البشر عبر الآباء والأنبياء وأخيرًا بشخص المسيح بالذات، الّذي أعلن برنامجه الرّسولي: “لأبشّر الفقراء، وأرسلني لأعلن للمؤسورين تخلية سبيلهم وللعميان عودة البصر إليهم وأفرّج عن المظلومين…” (لو 4: 18)؛ فهو لا يزال يسمعنا اليوم ويعمل ويتدخّل عبر كنيسته.

٣. الكنيسة امتداد لبرنامج المعلّم

         تعمل الكنيسة جاهدةً على أن تبقى صوت الضّمير وتنفّذ برنامج معلّمها، فتكون إلى جانب الفقير والحزين والمأسور والأعمى والمظلوم. كما أنَّ دعوتها تكمن في التماهي مع معلّمها فلا تخاف من أن تُضطهد ولا أن تُرذل ولا أن تُشتم وتُصلب، فتبقى أمينة لرسالتها في بذل الذّات والمحبّة المبنيّة على الثَّبات في الإيمان والرّجاء بالقيامة، آمين.