الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة – توبة المرأة الخاطئة

القراءات:

١ تسالونيكي ١: ١ – ١٠؛ لوقا ٧: ٣٦ – ٥٠

يسوع طبيبٌ يشفي النفس. نراه في هذا الإنجيل يفيض رحمته على امرأةٍ عُرِفَت في المدينة بأنّها خاطئة. لكنّ الطبيب الماهر هو مَن يعرف قبل كلّ شيء أن يُشَخِّص الداء، ويبرز خطورته. والحال أنّ في هذا الإنجيل، إدانة الآخر عند الفريسيّ كانت أشدَّ فداحةً في عينَي يسوع مِن خطيئة تلك المرأة، فدفعَتْه لأن يداويَها بالكلمة: “كان لدائنٍ مديونان…” (لو ٧: ٤١)

لماذا نُدِين الآخرين؟

 يحبّ كلّ واحدٍ منّا أن يظهر نفسه بالصورة الأجمل والأكثر مثاليّة، لكنّ هذه الصورة غالبًا ما تكون غير واقعيّة. فأين يهرب المرءُ من ضعفه وإخفاقاته وسيّئاته؟ غالبًا ما نحمّل الآخرين سبب عثراتنا، كيما يتسنّى لنا أن نخلق في ذواتنا مساحةً من الاكتفاء الذاتيّ، تجعلنا على غرار هذا الفرّيسيّ نرسم الحدود بيننا وبين الآخرين، بين ما هو طاهرٌ وما هو نجس: “لو كان هذا نبيًّا لعَلِم أيّ امرأةٍ هي تلك الّتي تلمسه! إنّها خاطئة! (لو ٧: ٣٩) هو حكمٌ على الآخر يولّد انغلاقًا على الذات، إنغلاقًا يحرمنا بدوره من استقبال غيث غفران الربّ، فينتهي بنا الأمر إلى الموت.

حكمُنا قد يكون مخطئًا

نظر سمعان إلى تلك المرأة الخاطئة تبلّل قدمي يسوع بدموعها وتمسحهما بشعر رأسها فساوره الشك واعترض على ما يجري، “لكن مهلًا – يقول يسوع – نطرَتُك الخارجيّة تمنعك من أن تحكم بصواب. أنظر! إنّ كلّ ما تقوم به هذه المرأة تجاهي لهو فعلُ حبٍّ وتعبيرٌ عن امتنان، لأنّها واثقةٌ من الغفران الّذي سأمنحها إيّاه.” ويسوع يوجّه إلينا الكلام اليوم: “هل رأيت أخاك يرتكب المعصية؟ إطرح أوّلًا السؤال: هل الوقوع في الخطأ هو فعل حرّ إرادي؟ وهل هو وحده المسؤول عنه؟ لا ريب في أنّك لا ولن تملك المعطيات الكافية للإجابة، لأنّك بَشَرٌ ومعرفتك محدودة، لذا فالأفضل لك ألّا تدين، بل بالأحرى أن تحنوَ على من سقَطَ بنظرةٍ ملؤها الرحمة، فالرحمة قد تشفيه، أمّا الإدانة فلا!”

ويتابع يسوع كلامه لسمعان: “هي مديونةٌ بخمسمئة دينار. صحيح! ولكن، أنت بخمسين! هل أدركتَ يومًا ثقْل دَيْنك هذا؟ وهل أدّى بك ذلك إلى التوبة فانسحاق القلب؟ وإلّا فأنت ما زلتَ بعيدًا عنّي ولا نصيب لك معي.” كلماتٌ يوجّهها إلينا أيضًا يسوع، فحبّذا لو صارت دينونتنا لذواتنا هي الّتي تشغل قلوبنا، فتؤول بنا إلى خلاصنا، وشيئًا فشيئًا، إلى خلاص من اعتبرناهم من حولنا خاطئين. آمين.