الأحد الخامس من زمن العنصرة – دعوة الرسل

القراءات:

فيلبّي ٣: ٧-١٤ ؛ متّى ١٠: ١-٧

أسماؤنا محفورةٌ على يد الله (أش ٤٩: ١٦)، كما أسماء الرسل في هذا الإنجيل، كما أسماء الآباء والأنبياء في العهد القديم. وفي هذا دلالةٌ على أنّ الله يعرفنا بأسمائنا، ويفقه رغبة قلوبنا، ويدرك مبتغانا وأحلامنا. ففي عالم لا يكترث لفرادة كلّ إنسان، ولا يأخذ بعين الاعتبار خصوصيّة كلّ شخص وتنوُّعه، فإنَّ ما يُعزّينا، لا بل ما يُفرحنا هو أنّ الله يهتمّ بنا، ويسهر علينا. نحن أبناء الله، وقد اختارنا وأرادنا من عائلته. وخلف كلّ اسمٍ من هذه الأسماء قصّة لا تشبه غيرها من القصص. فبعضها تُوّج بالنجاح وبعضها الآخر غرق في الفشل، ولكنّها كلّها تروي محبّة الله لكلّ إنسان بطريقةٍ متمايزة ومتنوّعة.

بطرس الصّياد، الذي اعترف بأنّ يسوع هو “المسيح ابن الله”، هو نفسه الذي أنكر يسوع ليلة الآلام، وهو نفسه الذي عاد يسوع فسأله “أتحبّني أكثر من هؤلاء؟”. ومتّى العشّار هو الذي دعاه يسوع من خلف صندوق الجباية، ليصير كاتبًا لإنجيل الحياة ومُبشِّرًا بالكلمة. ويوحنا هو الذي وقف عند صليب الرّبّ لحظة الموت، وهو الذي سار مسرعًا إلى قبره عند سماعه ببشرى القيامة. وتوما الذي صرخ “هيَّا بنا نحن أيضًا لنموت معه” (يو ١١: ١٦)، هو الذي أراد أن يتحقّق باللَّمس من حقيقة قيامة الربّ. وأندراوس هو الذي هتفَ فرحًا في بداية إنجيل يوحنّا “لقد وجدنا المسيح” (يو ١: ٤١). ويهوذا الذي أسلمه كان هو أيضًا من تلاميذه…

هؤلاء جميعهم، ونحن كذلك، لم نستحقّ اختيار الله بجدارتنا، هو الذي أحبّنا ودعانا بأسمائنا إلى أن نكون من خاصّته. دعانا إلى أن نكون أعضاء في كنيسته، وشهودًا في قلب العالم. دعانا ليُظهِرَ في ضعفنا غنى رحمته. وعلى الرغم من ضعف التلاميذ، أعطاهم يسوع سلطانًا لطرد الأرواح وشفاء الشَّعب، وطلب منهم أن ينادوا باقتراب الملكوت. أيّ أنّ مهمتهم تكمن في إظهار حنان الله ورأفته والتبشير بكلمته. هذا السلطان هو سلطان المحبّة التي نعيشها نحن أيضًا يومًا بعد يوم، هو سلطان الخدمة التي نشفي بها جراحات العالم، هو سلطان المناداة بالإنجيل وعيشه.