الأحد السادس بعد عيد الصليب – مثل الوزنات

القراءات:

غلاطية ٦: ١-١٠ ؛ متّى ٢٥: ١٤-٣٠

“فلا نملَّ من عمل الخير، ولا نَكِلَّ، لأنّنا سَنحْصُدُه في أوانه” (غل ٦: ٩)

“يُشبه ملكوت السّماوات رجلًا أراد السّفر، فدعا عبيده، وسلّمهم أمواله” (مت ٢٥: ١٤)، يدلّ هذا على أنّ الملكوت يبدأ هنا، يبدأ عندما نعمل، كما سبق وتأمّلنا في الآحاد الماضية، كالعبد الأمين الحكيم، مستفيدين من الوقت المعطى لنا، مستثمرين الوزنات الّتي وضعها الله بين أيدينا فنكون من عداد العمّال الّذين يتعاطون مع سيّدهم، لا بروح الخوف كصاحب الوزنة الواحدة، بل بروح المخاطرة والوداعة والمسؤوليّة.

روح الإصلاح

نجد في إنجيل هذا الأحد معضلة غياب السّيد! لماذا؟ لأنّ الخادم الأمين عادةً يُظهر أمانته خلال فترة غياب سيّده أكثر من فترة وجوده. هو الّذي يعمل بروح المحبّة والطاعة. هو الّذي لا يستغلُّ غياب سيّده ولا يعيش هذا الغياب بروح الخوف، ولا يزرعه حتّى في قلوب الآخرين.

عندما يغيب السّيد يكثُر “الطبّاخون”، والمدّعون الإصلاح! ولكن السّؤال الجوهريَّ هو، إصلاح ماذا؟ ومن كلّفهم بهذا الإصلاح؟ والأهم، بأي روح سيعملون على هذا الإصلاح؟ فالقدّيس بولس في رسالته اليوم إلى أهل غلاطية يعلّمنا أنّ الرّوحانيين يُصلحون الآخرين بروح الوداعة، فيقول: “أيًها الإخوة، إنْ أُخذ إنسان بزلّة، فأصلحوه أنتم الرّوحيّين بروح الوداعة”، ثمَّ يحذّرهم بألَّا يقعوا بروح الكبرياء فيقول: “واحذر أنت لنفسك لئلَّا تُجرّب أيضًا” (غل ٦: ١).

روح المخاطرة

إنَّ الّذين استثمروا وزناتهم تحلّوا بروح الشّجاعة وروح المخاطرة، وها هم يحصدون ثمار أعمالهم. وهذا ما يؤكّده القدّيس بولس أيضًا في رسالته “فكلّ ما يزرعه الإنسان، فإياه يحصد” (غل ٦: ٧). فلندركْ إذًا أننّا سوف نحصد ما نزرع، والذي يزرع الخوف والانقسام والفساد، فإيَّاها يحصد!

لقد خاطر السيّد أوَّلًا عندما سلّم ممتلكاته لعبيده وسافر! يا لها من ثقة! لذلك فالمُخاطِر الأكبر هو الله، لأنّه يثق بنا دائمًا! وعلى الرّغم من ضعفنا ومحدوديّتنا، يسلّمنا وزناته، كلّ واحدٍ منا على قدر طاقته. فلنستثمر إذًا بأمانةٍ هذه الوزنات بروح الوداعة والمخاطرة والمسؤوليَّة، بعيدًا عن روح الحسد والكبرياء والتّزمّت. ولن نخافَ أبدًا لأنّ الله وعدنا بأنّه باقٍ معنا حتّى منتهى الدّهور.

صلاة

نُصلّي كَيْلا “نملَّ عمل الخير، ولا نَكِلَّ، لأنّنا سَنحْصُدُه في أوانه” (غل ٦: ٩)، فلا “تدع الشّر يغلبك، بل اغلب الشّر بالخير” (رو ١٢: ٢١)