الأحد العاشر من زمن العنصرة – يسوع وبعل زبول

القراءات:

١ كورنتوس ١٢: ١-١١ ؛ متّى ١٢: ٢٢-٣٢

أمّا إذا كنتُ أنا بروح الله أطرد الشّياطين، فقد وافاكم ملكوت الله

ما لبث أن استشهد الإنجيليّ متّى بالنّبي آشعيا في ما يتعلَّق بالعبد المختار الّذي “لن يُخاصم ولن يصيح ولن يسمع أحدٌ صوته في السّاحات…” (مت ١٢: ١٩)، حتّى سمعنا صوته، فإذ به يحرّر رجلًا ممسوسًا ويشفيه من عمى العينين ويعيد إليه النّطق. ها إنّ صوته يُسْمَع، لا بل يُحدِث ضجّة، والنّاس مندهشة فتقول “أترى هذا ابن داود؟” الأمر الّذي أزعج الفرّيسيّين واتّهموه بأنّه ببعل زبول يطرد الشّياطين.

  • المسيح يُعلن ملكوت الله

إنّ المسيح الّذي مارس التّقسيم وأعطى هذا السّلطان لتلاميذه، كان علامة على أنّ ملكوت الله قد وافانا، فقال: “أمّا إذا كنتُ أنا بروح الله أطرد الشّياطين، فقد وافاكم ملكوت الله“. فِعلُه هذا يدلّ على أنّه الملك-المخلّص وأنّه غَلَبَ الموت والشيّطان، فصار الملكوت في ما بيننا بتجسّده، وموته، وقيامته. إنّ هدف المسيح إعلان هذا الملكوت وهو من قال في مكانٍ آخر للتلاميذ الإثنين والسّبعين بعد عودتهم من الرّسالة “لا تفرحوا بأنّ الأرواح تخضع لكم، بل افرحوا بأنّ أسماءَكم مكتوبة في السّماوات” (لو 10: 20). كم نحن بحاجة لأن ندخل في هذا المنطق الكنسي، وألاّ نكون عميانًا من ناحية قلّة المعرفة والتّمييز وألَّا نسكت عن إعلان الحقيقة.

  • ضرورة التّمييز

من أهم الصّفات في الحياة الرّوحيّة وحياة الكنيسة هي صفة التّمييز. والتّمييز موهبة من المواهب الّتي يمنحها الله لنا بواسطة الرّوح القدس. هي ليست قدرة شخصيّة بل نعمة. ويؤكّد لنا القدّيس بولس ذلك عندما يقول “المواهب على أنواع ولكنّ الرّوح واحد” ومن بين هذه المواهب “التّمييز ما بين الأرواح” (١ كور ١٢: ١٠). التّمييز اليوم ضرورة ماسَّة في كنيستنا وعالمنا، لكي لا ننسب عمل الله للشيطان ولا عمل الشّيطان لله، فذلك يؤدّي إلى انقسام وضياع وقلّة ثقة. وأزمة التمييز هذه تَلِدُ قادة عميانًا وأتباعًا بكْمًا.

وكم من الجماعات والصّفحات اليوم على وسائل التّواصل الاجتماعي تدّعي صفة التّمييز وتعتقد أنّها الصّوت الأمين وتجعل من نفسها مرجعيّات تعليميّة، وتعتقد أنّها تملك الحقيقة، ولكنّ ثمار تعاليمها انقسام وشقاق! فهذا ليس من روح الله ولا يؤدّي إلى إعلان الملكوت الّذي تسعى الكنيسة لإعلانه وعيشه وتحقيقه بقوّة الرّوح القدس الّذي يوزّع مواهبه على الجميع، ودائمًا بهدف تمجيد الثّالوث الأقدس وبنيان الكنيسة وخلاص النّفوس.