نسير معًا

السياسة والافخارستيّا

الافخارستيَّا هي جسد يسوع المسيح المكسور ودمه المهراق لأجل خلاص العالم، وكلُّ من يشارك فيها بإيمان يصبح جسدًا مكسورًا لحياة العالم، كما بذل يسوع المسيح ذاته من أجل حياة العالم (راجع يو ٥١/٦). إنّ الحبَّ المتبادل بين يسوع والمؤمنين يوحّد إرادتهم وفكرهم ويصبحون شبيهين ببعضهم البعض.

إنَّ الخبز المتحوّل بقوَّة الروح القدس إلى جسد يسوع المسيح، يحوّل المؤمنين والمؤمنات، فإنَّ المشاركة في الإفخارستيّا تجعلنا افخارستيّين.

ويشمل هذا التحوُّل كلَّ ما هو إنسانيّ من مشاعر وأفكار وكلام وأفعال، كما يشمل كلَّ نواحي حياة المؤمن. فالتحوُّل هو تحوُّلٌ روحيّ وأخلاقيّ، فيصبح المؤمن المتحوّل نورَ يسوع المسيح في العالم ويصبح على حدّ قَوْل القدّيس اغناطيوس الأنطاكي، “يعيش بحسب الأحد” يوم قيامة سيّدنا يسوع المسيح من القبر. أن يعيشَ المؤمن بحسب الأحد، يعني أن يبقى مدركًا للخلاص والتحرُّر النابعَيْن من تقدمة يسوع المسيح للآب السماوي. إنّه يوم الانتصار على الموت واللَّاعدالة. فالذي يشارك في الافخارستيّا مدعوٌ إلى أنْ يعملَ بقوَّةٍ من أجل العدالة والسلام ومن أجل حقوق الإنسان وتغيير البنى الاجتماعيَّة والسياسيَّة الفاسدة التي تقهر الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله.

على السينودس أن يذكّرَ أهلَ السياسة من ناخبين ومنتخبين، بأنْ يدَعوا المسيحَ يتصرَّف في أعمالهم وأفكارهم ومشاعرهم وخياراتهم فيصنعوا ما صنع يسوع المسيح.

إنَّ إنجيل القديس يوحنا لا يذكر نصَّ تأسيس الإفخارستيّا بل يذكر رتبة غسل الأرجل (راجع يو١٣) التي نرى فيها المسيح راكعًا يغسل أرجلَ تلاميذه ويفسّر بذلك المعنى الواضح لسرّ الافخارستيا التي تجعل من المؤمن خادمًا للآخرين كمعلّمه يسوع، خصوصًا للأصاغر والوجوه المتألّمة. كذلك على السينودس أنْ يذكّرَ أهلَ السياسة، بأنَّ السياسة خدمةٌ للخير العام واستشهادٌ يوميٌّ لأجل اعلائه.

الخوري ميلاد عبود