ليتورجيّة الزواج بحسب طقس الكنيسة المارونيّة

الخوري بيار الشمالي

تغلب تسمية “إكليل” على رتبة الزواج في الكنيسة المارونية. فالجزء يعطي اسمه للكلّ، أي إن طقس تبريك الأكاليل ووضعها يعطي اسمه لكلّ طقس الزّواج. ولذلك مدلولاته، إذ في الكنيسة المارونيّة يُمنح سرّ الزّواج انطلاقًا من الخادم الأساسيّ للسرّ الذي يبدو التسمية هو الكاهن أو الأسقف.

فالسؤال الأساسيّ الذي يُطرح هنا هو مكانة تبادل الرضى وأهمّيته في الطقس المارونيّ مقارنةً بالكنيسة اللاّتينية، على سبيل المثال. أضف الى ذلك وجود أسئلة متعدّدة تُطرح علينا حول وضع الرتبة الحاليّة والتعديلات الكبرى التي أجريت عليها مقارنة بالطقوس والرتب القديمة. ومن مميّزات الزواج الماروني طقس العرس الذي يتضمن فرضين: فرض الخاتمين وفرض الأكاليل؛ ويلفتنا مستوى الفرح الذي يظهر فيه أكثر منه في باقي الطقوس، وذلك من خلال الأناشيد والصلوات السريانيّة؛ أضف الى ذلك التشديد من خلال النصوص الليترجيّة على السرّ الكبير الذي يعكس الزواج صورته، الا وهو اتّحاد المسيح بالكنيسة.

فالآب أرسل في ملء الأزمنة ابنه الوحيد ليجعل من الكنيسة الزوجة النقيّة الطاهرة. إذ نقّاها بصلبه. وأعطاها دوتّا بدمه وصاغ خاتمًا بمسامير صلبه. بصليبه ومسامير يديه خطبها، وبدمه الذي جرى من جنبه اتّخذها له عروسًا. هكذا أنشد الآباء السريان اتّحاد المسيح والكنيسة، وأنشدوا أيضًا العلاقة الوطيدة التي تربط الكنيسة بالثالوث الأقدس: تقول الكنيسة إنها محميّة بثلاثة حصون ولا يستطيع الشرّير أن يصل إليها، حصون تتحّد بشكل تام: آب وابن وروح قدس، ثلاثة من دون انقسام وأنا (الكنيسة) أجد نفسي في وسطهم كالعروس الجميلة. هذه هي صورة الاتّحاد الذي يستحيل انفصامه وصورة الحماية العاطفيّة، التي تشكّل صورة الزواج المسيحيّ بشكل عام والمارونيّ بنوعٍ خاص.

في إطار هذه الذهنيّة السريانيّة الشرقيّة سوف نكتفي بدراسة رتبة الإكليل في الكنيسة المارونيّة: في المرحلة الأولى سنضع هذا النص الليترجيّ في إطاره من خلال عودة سريعة الى تاريخيّة الليتورجية المارونيّة حتى يتسنّى لنا، في مرحلة ثانية، دراسة هذا الطقس من خلال مصدره وهيكليّته وتحليله.

أوّلاً ـ خصائص رتبة الإكليل بحسب طقس الكنيسة المارونيّة

تتمتّع رتبة الإكليل بخصائص عدة وذلك من خلال تركيزها على أبعاد أساسيّة في الإيمان المسيحي.

* البعد الثالوثيّ :       

  • المجد للآب والابن والروح القدس…
  • لمجد الثالوث الأقدس
  • صلاة الغفران بِنيتُها ثالوثيّة
  • ربط اليدين بالبطرشيل وصلاة على اسم الثالوث الأقدس

* البعد الكريستولوجي: ـ

  • يحتمون بصليبك (23)
  • قدّسها بصليبه… (25)
  • صليبك الحي… (26)

* البعد الاسكتولوجي ـ النهيوي ( المجد السماويّ)

* البعد المريميّ

* البعد الكتابيّ

* البعد الغفرانيّ

* البعد الإكلزيولوجيّ

لفهم كلّ تلك الأبعاد لا بدّ من العودة الى المخطوطات القديمة التي تساعدنا على فهم الحسّ المارونيّ، ومن ثمّ ننتقل الى هيكليّة الرتبة الحاليّة.

ثانيًا ـ مخطـوط “Vat. Syr.52

أ ـ وصف المخطوط

كتبت على أوراق من حرير مرقّمة من 1-136 باللغة السريانيّة والكرشونيّة. تتضمّن جزءًا من الطقوس المارونيّة (العماد والزّواج وتبريكات أخرى). كتبت سنة 1537 من قبل جبرائيل لخدمة كنيسة مار جرجس في إهدن. في الصفحة 90 يبدأ طقس تبريك الخاتمين والأكاليل بحسب ما أشار إليه يعقوب الرّهاوي. يبدأ أولاً بتبريك الخاتمين ثم ص 103 طقس التّكليل.

ب ـ ارتباطها بيعقوب الرّهاوي

يعقوب الرّهاوي هو سرياني خلقيدوني إنطاكي (حوالي سنة 640 – 708)، أسقف له مكانته في الأدب السريانيّ ويتمتّع بسعة الثقافة والفكر. من كتاباته 117 جواب عن عدّة أسئلة قانونيّة كنسيّة تتعلق خاصّةً بالشؤون الليترجيّة.

كيف يمكن الموارنة الذين إستشرسوا في الدفاع عن مجمع خلقيدونيا أن يتبنّوا كتابات من كان خارج المجمع؟ لا ننسى أنه كان على الموارنة العودة المستمرة الى الينابيع السريانيّة لإغناء ليترجيّتهم. أما اليوم فأعيد اكتشاف عظمة هذا الأسقف الذي ساهم مع كثيرين في تعميق السرّ المسيحيّ في حياة الكنائس الشرقية.

ج ـ هيكلية طقس الزواج بحسب المخطوط

إذا قارنا تبريك الخاتمين بتبريك الأكاليل نستطيع أن نتبيّن هيكليّة هذا الاحتفال.

تبريك الخاتمين

تبريك الإكليل

صلاة بدء

مجدلة

 

صلاة بدء

صلاة بدء

المزمور 51 (50)

المزمور 51 (50)

نشيد

نشيد

صلاة

صلاة

رتبة التبخير

فروميون

فروميون

سدرو

سدرو

كولو أو نشيد البخور

كولو أو نشيد البخور

عطرو

عطرو

القراءات

1 بط 3/1-7

أفسس 5/22-33

متى 19/3-11

البركة وإعطاء الخاتمين

البركة ووضع الأكاليل

صلاة على الخاتمين

صلاة على الأكاليل

صلاة على العروسي معًا ومنفصلين

صلاة أخرى على الأكاليل

البركة للعروسين

تبريك الخاتمين

تبريك الأكاليل

إعطاء الخاتمينوصلاة

وضع الأكاليل وصلاة

صلاة على الاثنين معًا

البركة للزوجين

صلاة للإشبينين وكل الحضور

نشيد ختامي

نشيد ختامي

 

ربط اليدين

 

صلاة ختامية

 

صلاة على الغصن الذي يحلمه العريس

 

نزع الأكاليل

 

صلاة النهاية

 

تنبيهات للعروسين

 

ثالثًا ـ هيكلية الرتبة الحالية 

أ ـ الهيكلية

                          المجدلة

رتبة البخور:              صلاة بدء

                          مزمور 128 (127)

                          فروميون وسدرو

                          قولو

                          عطرو

القراءات:                 قاديشات صلاة

                          مزمور القراءات

                          رسالة

                          هللويا إنجيل

                          عظة

طقس الخاتمين:          الطلبات – نشيد

                          تبادل الرضى

                          صلاة العهد

                          ضمّ اليدين ووضع يمين الكاهن والبطرشيل

                          البركة للعرس

                          تبريك الخاتمين وإعطاؤهما

طقس الإكليل:   المجدلة

               تبريك الأكاليل

                 وضع الأكاليل على العروسين مع صلاتين

               صلاة للإشبينين

               نشيد لمار افرام

                  نزع الأكاليل مع صلاتين

                صلاة على الإشبينين والحضور

البركة الختاميّة :         صلاة الختام

ب ـ بعض الملاحظات

  • يتبين لنا أن الطقس الذي يتضمن تبادل الرضى والعهد كان مفصولاً عن طقس الزّواج. وهذه كانت قاعدة في الماضي: فصل الخطوبة عن الزواج. من هنا نرى مثلاً في الرتبة الحاليّة التشديد على الخطوبة.
  • أما بالنسبة إلى الزّواج فهو أساسًا مبني على تبريك الخاتمين والأكاليل.
  • المقارنة التي أظهرت لنا تشابهًا كبيرًا ما بين الطقسين (في المخطوط) تدفعنا الى التساؤل عن إمكان كونهما رتبتين منفصلتين من زمنٍ سابق، وأعيد وضعهما معًا لاحقًا في عمل ليترجيّ واحد.
  • الصلوات التحضيريّة لرتبة البخور في الطقسين تتشابه وتلاوة المزمور 51.
  • الصلوات التحضيرية قبل تبريك الخاتمين والأكاليل هي كالقسم الأوّل من القدّاس وباقي الاحتفالات الأسرارية.

ج ـ مقارنة بالرتبة الحاليّة

  • تغيّر المزمور 51 (50) ليحلّ مكانه مزمور 128 (127) الذي يتلاءم أكثر مع أجواء العرس؛
  • الفروميون والسدرو مستوحيان من بركة الخاتمين في مخطوط S.52، لكن نلاحظ أنه قد تمّ اختصارهما؛
  • بعد القولو صلاة العطر مشابهة لتلك التي في المخطوط؛
  • الإنجيل والرسالة؛
  • التهليل مزمور 45/ 11-12؛
  • رسالة بطرس حذفت؛
  • العظة بعد القراءات وليس في الخاتمة؛
  • مع إنشاد الشماس للطلبات (غير الموجودة في المخطوط).

ننتقل الى القسم الآخر من الزّواج:

  • تبادل الرضى، ضم اليدين والعهد والصلاة.
  • صلوات تبريك الخاتمين والأكاليل مقارنة بالمخطوط اخُتصرت كثيرًا، ولكن المواضيع الأساسيّة ما تزال قائمة.
  • لا ننفي كثرة الترداد في الطقوس القديمة، لكنّ هذا ليس أمرًا سلبيًا ويمكن الإستفادة منه. لذلك يقول الخوري ميشال الحايك في هذا المجال إنّ حبّ الترداد والوتيرة البطيئة المرافقة لفكرة واحدة هما من خصائص الأدب السريانيّ. فهي تبني البعد التأملي لشعب يتميّز بالصلاة والشعر، ويتفهّم حقائق الإيمان بطريقة شعريّة وليس نظريّة، تتلاقى أكثر مع حياته الليترجية.
  • نشيد لمار افرام حيث أثر له في طقس التكليل داخل المخطوط.
  • عند نزع الأكاليل يتلو الكاهن الصلوات التي نجدها في المخطوط.
  • بساطة الرتبة الحاليّة واضحة. أعتقد أنها، بحذفها صلوات كثيرة ذات غنىً كتابيّ، قد استغنت عن إرث كبير.

رابعًا ـ تحليـل الصلـوات والحـركات

أ ـ الدخول الإحتفالي

يُقصد بالانتقال من الخارج، ما قبل ـ أي ما هو زمني ـ الى الداخل إلى ما هو احتفالي وأسراري. هذا الدخول يشير الى الكنيسة التي هي في مسيرة لملاقاة سيّدها، عند المذبح الذي يرمز لنا نحن الشرقيين إلى المسيح نفسه.

على غرار كلّ الاحتفالات الليترجية تبدأ الرتبة بإشارة الصليب: فباسم الآب والإبن والروح القدس تتمّ الليترجية وليس باسم العريس والعروس اللذين يكونان قد تقدّما وليس باسم المؤسسة الزوجيّة.

ب ـ رتبة البخور: نسق بحسب ترتيب صلوات الفرض.

  • صلاة البدء (شورويو) ثمّ كلّ الجماعة تتلو المزمور.
  • ثم يعلن الكاهن صلاة الغفران ( حوسويو) التي هي صلب هذه الفقرة.
  • تبدأ بمقدمة فروميون التي هي تعظيم. ثم السدرو الذي يتضمن موضوعين: استذكارًا لما صنعه الله في الماضي لأجلنا، ثم طلب أن يحقق الآن بحسب احتياجاتنا ما حققه في الماضي (مع البخور).
  • ثم نشيد (قولو) ثم العطرو.
  • الفروميون والسدرو هما صلاتان أساسيّتان في هيكليّة الاحتفال المارونيّ. تختصر عادةً موضوع الطقس يرافقهما دائمًا البخور (من هنا البعد الغفراني).

ج ـ في صلاة البدء

  • يصلي الكاهن ويداه مبسوطتان كما مع موسى في العهد القديم. يصلّي مع الجماعة الكنسيّة وباسمها. تستذكر الصلاة غنى الله وتطلب بركته للعروسين.
  • مزمور 128: يصوّر لنا العائلة المثاليّة السعيدة حيث يعيش الزوجان في تناغم تام. المرأة مثل كرمةٍ مثمرة وعمل الرجل يعطى طعامًا طيبًا. أغراس الزيتون تمثّل الأجيال والأولاد. فالذي يتّقي الربّ يكثر من نسله.

د ـ الفروميون والسدرو

يتمحور حول ذبيحة المسيح الذي اشترانا بدمه وموته (عطيّة الذات). محبّة المسيح للكنيسة هي المثال الأعلى. هكذا انطلاقًا من خلق العالم والإنسان على صورة الله تتجه الصور كلّها نحو اتّحاد العروسين. نطلب من الله أن يمنحهما كلّ عطاياه على صورة الأبرار.

في صلاة السدرو نتوجّه الى الله “الخالق والمتقن الكلّ”. خالق العالم وخالق الرجل والمرأة على صورته. وتتضمّن هذه الصورة نوعًا من الديناميّة: ففي الخصوبة والنسل والعمل يكون الزوجان على صورة الله.

سرّ الزّواج هو امتداد لعمل الخلق. وهنا عمل الخلق فعليّ وحقيقيّ لأنّه برجلٍ وامرأة كانا يتمتّعان بحياة فرديّة ومستقلّة، يتحقّق ما يسمّيه الكتاب المقدس “الجسد الواحد”.

ينتهي السدرو بصلوات الطلب للعروسين: ” باركهما… ثبّتهما ـ إمنحهما ـ ساعدهما ـ إغنهما ـ أعضدهما ـ إحفظهما” سبعة أفعال ترمز الى الكمال. كل هذا يحدث بحماية الصليب الحيّ لتمجيد الثالوث الأقدس.

هـ ـ قولو

ذبيحة المسيح هي وليمة أُعدّت للكنيسة.

و ـ عطرو

نختم صلاة البخور. نتوجه إلى المسيح السيد والعريس الحقيقيّ ليقبل عطورنا. نطلب منه أن يبارك العروسين والإشبينين  والحاضرين.

ز ـ القراءات

ح ـ رتبة الخاتمين

طلبات الشماس للكنيسة، لهذا التكليل، للعروسين (دور الروح القدس)، لجميع العائلات.

ط ـ تبادل الرضى

تبادل الرضى ليس التزامًا متبادلاً بين العروسين وحسب، وليس أمام بعض الشهود والعائلات وحدهم، بل التزام مُعلن أمام الله والكنيسة. يتّخذ الرضى بعدًا كنسيًّا وإلهيًّا. في الإكليل يتبيّن لنا أنّ هناك ثلاث كلمات أساسيّة: كلمة العريس ـ كلمة العروس ـ البركة ، أي كلمة الله.

بعيدًا من جدليّة موضوع تبادل الرضى وأنّها في صلب رتبة الإكليل أو خارجه، ما هو ثابت في الكنيسة المارونيّة أن الرضى ضروريّ وإلزاميّ للزّواج. من دونه يسقط الزّواج. وهذا الرضى يكون من الطرفين معبَّرًا عنه بوضوح.

بعدها يطلب المحتفل من العروسين إعلان عهدهما بشكل صلاة، وعهد أمام الله والمذبح والصليب والإنجيل والكنيسة؛ إنه عهد الأمانة، مع صلاة يطلبها من الجماعة ويشارك المحتفل فيها. يبسط العروسان يمينهما على الإنجيل تأكيدًا لبناء بيتهما الجديد على صخرة المسيح. بعدها يغطّي المحتفل يديهما بالبطرشيل ويضع الصليب ويعلن صلاة البركة باسم الثالوث الأقدس. إنّ حركة الكاهن تشير الى مكانة دور الكنيسة في منح سرّ الزّواج.

ي ـ تبريك الخاتمين

  • الشكل الدائري للخاتمين رمز للأبدية وتأكيد أنّ الزّواج هو التزام مستمرّ.
  • يتمّ التبريك في صلاتين، الأولى للخاتمين والثانية للعروسين. الموضوع الأساسي هو الأمانة، والخاتم هو رمز أمانة الله للبشر.
  • نطلب من الله أن يجمع ويوحّد العروسين بالنقاوة ويحميهما من كلّ الشرور؛ أن يكون الخاتم سورًا وعلامة اتّحاد ونعمة لنقاوة الجسد والروح.

ك ـ مباركة الإكليلين والتكليل

إستعمال الأكاليل يجد جذوره عند الوثنيين. ثم استعملته الكنيسة للدلالة على أفكار كتابيّة. فالإكليل الذي هو رمز للانتصار عند الوثنيين، أصبح في الكتاب المقدس رمزًا للانتصار على الموت ( مز 20/8 ). الأكاليل هي علامة  السعادة والاستقرار.

وجد يوحنا فم الذهب معنىً زهديًّا للإكليل: “نضع الأكاليل على رأس العروسين رمزًا لانتصارهما، لأنّهما يتقدّمان الى ميناء الزّواج ولم تغلبهما الشهوات. إذا كان أحد عبدًا للشهوة واستسلم لها، فلماذا يضع بعد إكليلاً على رأسه، هو الذي ليس سوى مهزوم؟”

التكليل في الطقوس السريانيّة يؤكّد أنّ الحياة الزوجيّة هي انتصار على الشهوات.

  • الصلاة الأولى هي تبريك الأكاليل ـ هنا نطرح السؤال في عودة الى الرتب القديمة حين كانت الأكاليل من أغصان الزيتون، وفي توفّر سوى ذلك من الزهار والرياحين، ما تكون الحاجة إلى تبريك الأكاليل النحاسيّة التي في الكنيسة؟ أما تجدر إعادة التقليد القديم واعتماد أكاليل كما فيما مضى؟
  • تتضمّن الصلاة جمال الطبيعة والانتصار على كل أنواع الصراعات (كلّل الملوك، والكهنة،…) بقوة الله التي نطلبها في حينه لتبارك الإكليلين بشفاعة العذراء وجميع القديسين.
  • ثم يرفرف بالإكليل ثلاث مرات على رأس العريس كرمز لتكليله بقدرة الثالوث الأقدس. تُطلب له ما ناله الأقدمون من بركات ونعم وسعادة طوال العمر.
  • الصلاة للعروس تطلب معونة الله فيساعدها في طريقها الجديدة: العيش مع زوجها في سعادة وسلام ومحبة متبادلة. وتُظهر النساء القديسات مثالاً للزوجة، وتشبّهها بالكرمة المباركة التي تعطي ثمارًا روحانيّة، فيكون لها النسل الكريم.

ل ـ بركة الإشبينين

ثمّ نشيد (مز 8) أو نشيد سريانيّ.

م ـ رفع  الإكليلين

تتميز الصلاتان المرافقتان بالتوجّه الى الله فيضمن زواجهما ويقوّيهما بالرباط الروحيّ.

ن ـ مباركة الجمع

بها يظهر البعد الكنسيّ، فتشمل البركة العريس والعروس والشهود والأهل والحاضرين، أي إن كلّ الذين شاركوا في هذا الإكليل مدعوون أن يقتبلوا إكليل المجد.

ص ـ البركة الختامية

مثلما ابتدأ الاحتفال باسم الثالوث الأقدس كذلك ينتهي أيضًا على اسم الثالوث الأقدس. يطلب المحتفل من الله أن يرافق الحاضرين ويحفظهم. وقد تشبه هذه البركة الختاميّة الإرسال في آخر الإفخارستيا، حيث على العروسين وكل الحاضرين أن يشهدوا بالتزامهم وأمانتهم لمحبّة الله.

الخاتمــة

إن التقليد السريانيّ متأثّر الى حدّ كبير بالتقليد اللاّتيني. ودور الكاهن ليس مجرد شاهد، فالمحتفل هو الذي يبارك.

وتوضح مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة مكانة البركة الكهنوتية في طقس الزّواج. لذلك نجد الذهنيّة الدينيّة الشرقيّة في قلب اللاّهوت الأسراري. فبالمقارنة مع القانونيّة الغربيّة التي تشدّد على التوضيحات اللاّهوتية الدقيقة، تتميّز الروحانيّة الشرقيّة بتفضيلها البحث عن مفاعيل السرّ أكثر من لحظة تحقيقه. مسالة تبادل الرضى بين العروسين درست في أماكن أخرى، نكتفي هنا بلفت النّظر إلى أنه في احتفال الإكليل، كما في باقي الأسرار، ما يهمّ أوّلاً هو الدخول ولو قليلاً في سرّ الله والتأمّل من خلال الحالة الجديدة في عمله مع شعبه، إدخالاً للعروسين بشكل أعمق في السرّ الكبير لاتّحاد المسيح والكنيسة.

الزّواج هو إذًا السرّ الذي بواسطته يصبح ملكوت الله اختبارًا حيًّا. وهذا السرّ يرمز الى اتّحاد المسيح والكنيسة. يعطي الزوجين النعمة فيتحابان حبّ المسيح لكنيسته. أضف الى ذلك أنّ الزواج يبنى على تبادل رضى الطرفين، أي على إرادة إعطاء الذات للآخر وبشكل نهائيّ، والهدف عيش عهد الحبّ والأمانة والخصوبة. إنّ هذا السرّ لا يُفهم إلاّ في إطار الإيمان، أي في منطق العهد. إنّه النعمة الإلهية التي تمنح للعروسين في شراكة القداسة التي هي الكنيسة، بغية عيشهما وحدتهما الكاملة.

إنّ المسيحيين مدعوّون الى عيش السرّ الفصحيّ في الزّواج. ففيه المكان الذي تعاش فيه نعمة الروح القدس. لاهوت الزّواج يرتبط بالبنوماتولوجيا. فلا زواج من دون الروح القدس، لأنه لا وجود لأيّ سرّ من دون الروح القدس.