رؤية الحب في فكر موريس بلونديل

الدكتور هنري كريمونا

  يحدّثنا موريس بلونديل في معرض حديثه عن العائلة والوطن والبشرية، في الفصل الاول من المرحلة الخامسة، من القسم الثالث، من أطروحته في الفلسفة وعنوانها “العمل”[1]، عن أهمية الحب الذي يجمع كائنين بشريين في وحدة متكاملة، حيث “ترغب إرادة الواحد نفس الآخر المحبوب لكي تُنتج جسدًا”[2].  فالرجل والمرأة “يتّحدان في جسديهما ليؤلّفا نفسًا واحدة، ويتّحدان في نفسيهما ليؤلّفا جسدًا واحدًا. بهذه الوحدة يجد الحبيبان كليّة كل واحد منهما في ذاته”[3].

         فالإرادة البشريّة تهدف الى الوحدة من خلال الحبّ، أي من خلال العلاقة مع كليّة الشخص الآخر، تحقيقًا للتكامل معه في وحدة سامية، غير مقفلة، ذلك لأنّه عندما “يكون الإثنان واحدًا فإنهما يصبحان ثلاثة”[4].  هذه الرؤية الثالوثية في الحب ليست سوى انعكاس للثالوث الإلهيّ، ذلك أنّ الإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله.

         لا يمكننا فهم نظرية بلونديل في الحبّ إلاَّ إذا اطّلعنا أولاً على إطار فلسفته حول المعرفة. المعرفة القصوى والنهائية بالنسبة إليه هي معرفة الحاجة الفريدة التي تنقصنا، ونحتاج إليها بصورة مطلقة، ومن دونها لا وجود جدليًّا لنا في الصيرورة الزمنية، وهذه الحاجة الفريدة يسميها بلونديل: “الضروري الوحيد” (l’unique nécessaire) ، الذي في إمكانه أن يملأ قلبنا وعقلنا، ويَعبر بنا من ذاتنا الى ذاتنا، يملأ الفراغ فينا ويحقق لنا ذاتنا، بمشاركتنا، بصورة تامة.  فالكينونة الذاتيّة للإنسان تتعلّق بموقفه من هذا “الضروري الوحيد”. إمّا أن نحبّه فنتخطّى محدوديّتنا، وإمّا أن نحبّ محدوديّتنا ونلتصق بها، فنقتله فينا، كما في الآخرين وفي التاريخ. لذلك يقول بلونديل : “إنّ الكائن هو حبّ. ولا يمكننا أن نعرف شيئًا إذا لم نكن نحب”[5].  فالمحبة هي آليّة المعرفة الكاملة.  من هنا نفهم قول بلونديل إنه “يستحيل علينا ان نلامس كائنًا آخر، ويستحيل أن نلامس ذواتنا من دون العبور في هذا “الضروري الوحيد” الذي يجب أن يصبح موضوع إرادتنا الوحيد”[6].

         لكي نستوعب نظرية بلونديل في المعرفة وفي الحبّ بشكل واقعيّ ومفيد، استحسنّا استنباط رؤيته هذه، في جدليّة تفكيره، من دفاتره الحميمة التي كتبها يوميًّا من سنة 1883 الى 1949، وهي منشورة في مجلّدين تحت عنوان carnets intimes، وسنعرض هذه الرؤية في أربعة أقسام: أولاً، الدعائم الفلسفيّة لمفهوم الحبّ ؛ ثانيًا، مفهوم الحبّ، وفيه التمييز بين معاني الحب العامة، والحبّ الإلهيّ والحب البشريّ؛ ثالثًا، نظريته في الحبّ الزوجي، قبل الزواج؛ ورابعًا، اختبار الحبّ الزوجيّ وفيه ثلاثة عناوين، وهي: بهاء الحبّ، صعوبات الحبّ، وثمرة الحبّ.

أوّلاً ـ الدعائم الفلسفيّة لمفهوم الحبّ

         ينظر بلونديل الى أجواء الفكر المعاصر، فيرى أن علّته الجذريّة تكمن في “الغرور والاعتداد، في السعي الى الخلاص والسعادة من دونك يا ربّ، في اليقين أنّ الإنسان يستطيع أن يتخلّى عنك.  أن نكون مسيحيين يعني أن نقرّ بتواضع عميق أن كلّ شيء هو هبة منك، وأن كلّ فضيلة وكلّ رغبة في السخاء تأتي منك”[7].  لذلك يعتقد بلونديل “أنّ  الحياة الأخلاقيّة لا تنبع من الإلهامات الفكريّة، بل إنّ منهج ابتكارها يكمن في العمل أكثر ممّا هو في الفكر، إذ إنه من أقوال مخلّصنا وأفعاله استمددْنا العقائد الإيمانيّة، فهي نتيجة استنباط بَعدي وليست نتيجة تأليف قبلي”[8].

         في هذه المقاربة الحدسيّة يحدّد بلونديل سبب دراسته العمل في أطروحته الفلسفيّة، فيقول: “دراستي للعمل تستند الى الإنجيل الذي يكشف لنا أنّه في العمل وحده يتمظهر الحبّ، وفيه يمكن الإنسان أن يعرف الله”[9]. فالمشروع الأساسي عند بلونديل يتحدّد، كما يقول في “استنباط فلسفة القداسة (أي) علينا أن نكتشف السبيل الذي يؤهّل عقول الفلاسفة للانضمام، بهدوء وتواضع، الى عظمة الصغار”[10].

         بعد هذا الكلام بمئة عام، وبالتحديد في 14 أيلول 1998، يقول قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في رسالة جامعة في الإيمان والعقل: “أتوجّه بندائي الى الفلاسفة ومعلمي الفلسفة ليجرؤوا على استعادة ما يتميّز به الفكر الفلسفيّ، في خط تقليد فلسفيّ ثابت وقيّم، من صفات الحكمة الصحيحة،  والحقيقة الراهنة بما فيها الحقيقة المتيافيزيقية”[11].  ويؤكد قداسة البابا أنّ “في إمكان الفيلسوف المسيحيّ، إذا اعتمد دائمًا أسلوبًا في التدليل مرتكزًا على العقل ومتقيّدًا بقواعده، وإذا اهتدى بما يأتيه من كلام الله من فهم إضافيّ، أن يقيم من الحجج ما هو مفهوم وحصين، حتى في نظر الذين لا يدركون بعد، ملء الحقيقة المتجلّية في الكشف الإلهي”[12].

         هذا التوافق بين بلونديل والبابا، رأيناه أيضًا في موقع ثالث يجمعهما، أي في المجمع المسكونيّ الفاتيكاني الثاني، وخاصة في “دستور راعوي حول الكنيسة في عالم اليوم” (فرح ورجاء).  في هذا التوافق أو المداورة بين العقل والإيمان، يقول بلونديل: “على الفلسفة أن تكون قداسة العقل.  يكون الفيلسوف كفوءًا ليس لأنّه يفكّر بفطنة، إذ عليه أن يكون إنسانًا، أن يكون مسيحيًّا، أن يكون قدّيسًا : في هذا الأمر يكمن الاختبار الضروريّ للفلسفة”[13].

         في هذا الاطار يؤكّد بلونديل أهمية البُعد الداخليّ في الإنسان، فيقول بأن “الأحاسيس ليست شيئًا، الإرادة هي كل شيء”[14] وطالما بقي الانسان مشدودًا الى الأشياء الفانية، فلن يصبح حرًّا”[15].  والحرّية هذه تنبع من الداخل، من النفس التي يقول فيها “إنها نبع ، وليست خزّانًا”[16].

ثانيًا ـ  ماهيّة الحبّ

         يرى بلونديل أنّ حياة النبع هذا، أي “حياة النفس هو الحبّ”[17]، وأن “الإنسان في حاجة الى أن يَحُبّ وإلى أن يُحَبّ”[18]. يتجنّب بلونديل تحديد ماهيّة الحب من ناحية نظريّة، ذلك أنّ الحبّ يكون عملاً وفعلاً واقعيًّا أو لا يكون.  فيقول: “وحدها المحبة الكامنة في قلب الكائنات يمكنها أن تعلو فوق المظاهر وأن تتواصل عطاءً حتى حنايا القلوب، فتصبح هي الحلّ الكامل لمسألة المعرفة والكيان”[19]

1ـ معاني الحبّ

         ولأنّ المحبة فعلٌ هي، يقول بلونديل: “لا يمكننا أن نتصوَّر ماهيّة الحب.  فليس من مثيل له في الإنسان. الحبّ خاصّ بالذي يشعر به وبالذي يعطيه”[20].  ومن أولى خصائص المحبّة أنّها “لا تعلّمنا أن نأتي أعمالاً عظيمة، بل تعلّمنا أن نشعر بثمن الأعمال الشاقّة والصغيرة”[21].

         هذا الشعور بثمن أعمال الحبّ يؤهّلنا لكي نفهم علاقتنا بالآخرين.  فمن ناحية أولى “علينا أن نحبّ الخير الذي يأتي به الآخرون، كأنه صادر عنّا”[22].  ومن ناحية ثانية، “لكي نفهم ونحبّ أنانية الآخرين علينا ان نكون ذوي طيبة وصلاح”[23].  من هنا ينشأ التواضع من الحب، فيقول:  “التواضع ليس ثمرة الرّوح بل ثمرة القلب.  نكون متواضعين أمام مَن نحبّ (…) الوداعة هي ابنة الحبّ، والحبّ لا يسأل شيئًا لذاته، بل يحرّرنا ويجرّدنا من ذاتنا”[24].

         في المقابل، هناك أناس يحيون ما هو مناقض للحبّ، فيصفهم بلونديل على الشكل الآتي: “يملك بعضهم روحًا شهوانيّة وقلبًا ضيّقًا، حتى إنهم لا يتمكنون من اشتهاء الخيرات الأبديّة ولا محبة السعادة الكاملة: هم يخشون السماء، والغبطة الروحيّة تزعجهم. هم لا يفهمون شيئًا في الحبّ، ولا في الإنسان ولا في الله”[25]. هنا يحدّد بلونديل الثنائيّة الكاذبة في الإنسان فيقول : “أن نعلن أنّنا نحبّ الله ، نكون كاذبين إذا استمررنا، مع هذا الحبّ، في تعلّقنا بالأشياء الأرضيّة والأفراح البشريّة”[26].

         “ومفاعيل الحبّ في النفس كمفاعيل الموت في الجسد”[27]، أي إننا نحياه بالألم، فيقول: “أن نحبّ لا يعني أن نسكب ذاتنا في الكلام وفي العواطف والأحاسيس، بل أن نعمل ونتألّم، أن نعمل في الألم ذاته”[28]، إذ هناك “سبيل واحد لأن نحبّ الناس كما يحبّهم الله، وهو ان نرغب الألم من أجلهم، وأن نمنحهم استحقاق هذه الآلام التي لم يحتملوها، بدون أن ننتظر منهم أيَّ شيء”[29].

2ـ الحب الإلهي

         مصدر الحبّ الحقيقيّ هو الله، فكل “ما يريده الربّ منّا هو أن نحبّ جميع الناس كما أحبّنا هو”[30]، وفي سموّ الحبّ هذا يعبّر بلونديل عن رغبته العميقة فيقول : “أريد أن أقيم عبادة لأجلهم، وأن أنمّي فيهم يسوع المسيح بقوة الحبّ الذي يربطني به”[31].  وهنا يتساءل : “كيف يمكننا أن نحبّ الله من دون أن نحبّ الأنفس التي أحبّها هو للغاية ؟  هو الذي أراد أن يكون عملنا مؤثِّرًا في هذه الأنفس من خلال صلواتنا وآلامنا ورسالتنا (…) ففي جسد المسيح السرّي الممزّق أبدًا والدامي باستمرار، يمكننا أن نتمَّ ما نقص في آلام المسيح”[32].

         هنا يأخذ الألم موقعه في الحبّ، والألم الوحيد والكبير الذي نعرفه، عندما نحب الله، هو “ألم النقص والبرودة والخطيئة، ليس خطيئتنا الخاصّة وحدها بل خطيئة الآخرين. كما المسيح في جبل الزيتون وعلى الصليب، نصبح خطيئة”[33].  لذلك “لن نحبّ الله أبدًا، إذا لم نحبّ لأجله ما هو غير محبوب، أي أن نحبّ الذين يحيون في البؤس المدقع وفي النذالة المنفّرة[34].  يعتقد بلونديل أنّ وجود الشرّ فينا ومن حولنا يشكّل تحديًا ودعوة لنا لكي نهديه ونحوّله صوب الله.  هنا تكمن قمة العطاء في الحبّ، فيقول بلونديل: “أن تهَب ذاتك حتى الإذلال، والصلب والخزي والعار (…) في هذا يكمن الحب، وهذا يعني ان تكون صالحًا حتى إن اعتُبر الصلاح شتيمة وإفراطًا لا يُدرَك”[35].

         والسؤال الجوهري الذي يُطرح الآن هو الآتي : إذا كان “الحبّ هو الفعل الإلهي، وهو الذي يلقّننا سرّ الله”[36]، فكيف يمكننا الولوج الى هذا السرّ؟ يبيّن بلونديل أنّ الحبّ الحقيقيّ تجلّى لنا في التجسّد الإلهي، حيث حقّق الله “فعل الخلق الجديد”[37].  وهذا السرّ لا يمكننا فهمه إلاّ بعمل الرّوح القدس. لذلك يقول بلونديل : “يتوجّب على الرّوح القدس، روح الحبّ والوحدة، أن يدخل بصورة سرّية الى أعماق الإنسان ويفعل فعله”[38]؛ “هو روح واحد، روح الحقّ والنور والحبّ، فعندما يعبر في النفس يحلّ فيها الفرح والسلام والدفء”[39].  فيقول بلونديل إنه “من دون المحبّة التي يسكبها الرّوح القدس في قلوبنا لا يمكننا أن نرتقي إلى الإبن وإلى الآب، ولن نفقه شيئًا لا من العالم ولا من عمل الروح”[40].  أمّا الإشارة التي تؤهلنا للتأكد من أننا تلقفنا همس الروح وعذوبته فهي “عندما نشعر في قلوبنا بحركة الحب، نحبّ أخانا كيفما كان، ونعبد الله في كلّ إنسان، ونصبح محبّة شاملة”[41].

         من هنا يؤكد بلونديل أنه “لا وجود لنا خارج الحبّ الإلهي”[42]، فيتوجّه بصلاته الى الربّ قائلاً: “كل شيء يبقى باطلاً خارج معرفتنا لك وحبّنا إيّاك، وأن نحبّ ذاتنا فيك”[43].  هذا هو “السرّ الخفي عند رجال الله، إنه يكمن في إيمانهم وحبهم”[44]. ويعود بلونديل الى صلاته فيقول: “امنعني يا ربّ من أن أحبّ العالم وما فيه من مغريات، وحتى من أن أحبّ الخير الذي في استطاعتي أن أفعله. إجعلني ألاّ أحبّ سواك، ومن ثم، معك، أستطيع كلّ خير في العالم”[45].

3ـ الحبّ البشري

         يظهر بشكل واضح أن التوجّه الأساسيّ للانسان، عند بلونديل، يكمن في الانجذاب العميق نحو الله، حيث يكشف لنا الروح القدس معاني الحب، فنحياه بألم النقصان، لعدم إمكان اكتمال وحدتنا مع الله. وعلى هذا المثال يتّخذ الحبّ البشريّ معناه، إذ إنّ جوهر الحبّ هو واحد، هنا وهناك.

         “فالله محبّة، هو في ذاته عطاء كامل، وهو في الخليقة يبقى أيضًا عطاءً كاملاً، وتفانيًا ذاتيًّا”[46]، لذلك لا يمكن أن تكون الخليقة مغايرة، في جوهرها، للخالق. فلا يمكن أن يحبّ الإنسان بشكل مختلف عن جوهر الحبّ وسبيله الذي هو في حقيقة الله.  لا يمكن ان يحبّ الإنسان الله وأن “يتحدّ معه، إلاَّ عن طريق إنكار الذات”[47]، ولا يمكنه أيضًا أن يحبّ الآخرين، من دون ألم ، ومن دون نكران للذات. فالحبّ واحد هو، أكان في جوهر الله أم في علاقته بنا، أم في علاقاتنا بالله وبالآخرين.

         في هذا الإطار يقول بلونديل: “عندما نلمس الله ونعي حبّه، تتوقف الحياة، وتصبح اللحظة شبيهة بالأبدية، فنجزع أمامها، ونتهيّب الدخول فيها”[48]. هذه اللحظة، حيث يجتمع الزمن والأبد، وحيث نذوق السعادة والألم، يختبرها الانسان أيضًا في الحبّ البشري، فيقول بلونديل : “الحبّ هو السعادة (…) يبحث العاشقان عن الغبطة التامة، إنّما بواسطة نسيان الذات والتجرّد وهجرة الذات بصورة مستمرة”[49].

         إلى جانب هذا السموّ في الحبّ البشريّ، ولأنه حبّ بشريّ فإنّ الدنس يكتنفه، أي إن الإنسان يحيا الحبّ البشريّ في ثنائيّة يتنازع فيها الخير والشر، الروح والجسد، الارتقاء والسقوط. ويصف ذلك التنازع متسائلاً : “لماذا نستطيع كبح جماح شهواتنا كلّها ما عدا الشهوات الجسديّة ؟ (ويجيب قائلاً) : لأنّ الشهوات العاديّة لا تتحكّم بكياننا كلّه، بل يسكنها الفراغ والخداع والسّخافة، ويمكننا أن نقضي عليها بتفطّن واعٍ. أما اللّذة الجسديّة، فإنها تتحكّم بنا على قاعدة من الحق.  ينشأ الشرّ فيها، على خطورته، من الخير الذي نختبره. فاللذة الجسديّة ليس فيها من ممنوعات، وليست معرَّضة للتلف والانقراض. وفي الوقت نفسه نلاحظ أن العقل وسرّ الزواج، اللذين ينظّمان الشهوة الجنسيّة، لا يحدّان منها ولا ينقّيانها. ففي الواجب الزوجي يكمن شيء من الدنس ومن السقوط الحتميّ، وسط طهارة محترمة.  فعندما تستيقظ الشهوة تدفع بنا الى التهوّر الانحداريّ، حتّى وإن واجهها العقل أو انتصرت عليها العفة”[50].

ثالثًا ـ نظريّة الحبّ الزوجي ، قبل الزواج

         يكتب بلونديل في فترة خطوبته مع روز : “لا زلت غير مصدّق لفكرة أنّ هناك نفسًا يمكنها أن تقترن بنفسي، وتقبل سرّي وحياتي، وتودعني إيمانها، وتعمل لأجلي؛ تحبّ ما أحبّ أنا، وتهب كليّة ذاتها لكليَّتي، تضع سعادتها في حبّي، كما أضع حبّي في سعادتها. كلّ هذا يبدو لي في غاية العذوبة، ولا أستطيع استنفاده”[51].

         يرى بلونديل في تبادل الحبّ بين الحبيبين عطية ودعوة من الله، ينكشف فيهما سرّ الحياة، فيقول : “أن أدرك وأشعر أنكِ تستطيعين أن تبادليني الحبّ ذاته الذي أكنّه لكِ، هنا يكمن سرّ الحياة في جوهرها”[52]، ثمّ يتوجّه إلى الرّب مبتهلاً : “بارك يا ربّ هذه النفس الطاهرة النشّطة التي تدعوني إليها كي أحبّها، وهي تتغذّى من جودك وصلاحك”[53].

         والزّواج الذي يتصوّره بلونديل يرتسم في جدليّة الموت والحياة، فهو سرّ نعمة تحلّ على الزوجين، وتخلق بينهما “حالة جديدة أمام الله”[54] انطلاقًا من الإتّحاد بالربّ يسوع في ذبيحته، فيقول : “ليقبل الله منّي تقدمة ذاتي له. ففي اتّحادي به في ذبيحته التامّة، يميتني معه، قبل أن يحييني في اقتراني بزوجتي”[55].

         وفي مقاربة أخرى يرسم بلونديل عن الزواج صورة بهيّة في الوحدة على مثال الثالوث، فيقـول : “ما أجمل الزّواج المسيحيّ وأقدسه ! هو رائع برمزيّته وواقعيّته؛ إنّه على صورة وحدة الأقانيم الإلهيّة، صورة وحدة الكنيسة بسيّدها، إنّه وحدة حقيقيّة لكائنين يشكّلان سويّة جوهرًا واحدًا وكيانًا موحّدًا يقترب من خصوبة الله”[56]. ويرى بلونديل هذه الوحدة في “أن نصبح كلّنا جسدًا واحدًا، أن نصبح أعضاء لإلهنا”[57]، ثمّ يتهلّل فيقول : “ما أجمل هذا السرّ وأقدسه ! إذ إنّنا نجد فيه السعادة التامّة بشكل مُختصر، قبسًا من السماء، وواقعًا يحملنا إليها”[58].

بعد أكثر من مئة عام توارد الأفكار عينها بين بلونديل وبابا آخر هو قداسة بنديكتوس السادس عشر، في الرسالة العامّة “الله محبّة” حيث يقول : “إنّ الغرام في حاجة إلى انضباط، إلى تطهير كي يمنح الإنسان لا السعادة للحظة، بل نوعًا من الشعور المُسبق بقمّة الوجود والسعادة التي يتوق إليها كياننا برمّته”[59].

         وفي تجلٍّ آخر لتفكير بلونديل يجد علاقة سامية بين سرّي الزواج والكهنوت فيقول: “لا يمكننا مقاربة عظمة الزواج إلاَّ بعد أن نكون قد انجذبنا إلى عظمة الكهنوت، وهي عظمة تفوق الإنسانيّة في ألوهيّتها. كمال الرجولة يتطلّب أقلّه هذا الانجذاب. وارتقاء الحياة الزوجيّة يفترض شعور التواضع هذا الذي يأتي فقط من تأمّلِ هذه الدعوة السامية التي تعمل فينا باستمرار، حتّى ولو لم نكن مدعوّين مباشرة إلى تحقيقها”[60]. 

رابعًا ـ اختبار الحبّ الزوجي

         ليس من تفاوت ولا تعارض بين رؤية بلونديل للحبّ والزواج قبل زواجه الفعلي، وبعد اختباره للحبّ الزوجيّ. وقد أمكننا استنباط صورة ثلاثيّة عن هذا الاختبار من دفاتره الحميمة التي دوَّن فيها اختباره طوال السنة الأولى من زواجه، الذي دام 25 سنة، كانت كلّها حتمًا على مثال اختبار السنة الأولى . والصورة الثلاثيّة هذه وضعناها تحت العناوين الآتية : بهاء الحبّ، صعوبات الحبّ وثمرة الحبّ.

1ـ بهاء الحبّ

          يبيّن بلونديل أنّ بهاء الحبّ الزوجي الذي عاشه مع زوجته روز، مصدره الحبّ الإلهيّ، ويقول في هذا الصدد : “في غمرة الحبّ الإلهيّ أحملكِ في كلّ عواطفي الطبيعيّة وحناني البشريّ وكلّ أشكال الحبّ العابرة، وهذه كلّها وضعتها وكرَّستها في كمال الإرادة الإلهية”[61]. فاستنادًا إلى هذا المصدر الإلهي تتبيّن لنا الخصائص الأساسيّة لهذا الإختبار على الشكل التالي:

أ) الخاصّة الأولى هي الفرادة في الحبّ. فكما أنّ الله يحبّ كلّ شخص منا بفرادته وبشكل كامل، هكذا يرتسم في قلبه حبّه لروز، فيقول : “ينجز الله أعماله لكلّ واحد منّا في فرادته الذاتيّة، ويحبّ كلّ واحد كأنّه ابن وحيد له. في ضوء هذا الحبّ الإلهي أحببتكِ (روز) بشكل خاص، كما لو أنّ أحدًا لم يحبّ قبلنا بالمقدار الذي نتحابّ”[62].

ب) الخاصّة الثانية كنتيجة للأولى هي الوحدة. ويعبّر عنها بلونديل على الشكل التالي: “في اتّحادي معكَ يا ربّ، عليَّ أن أبحث أيضًا عن اتّحاد وثيق بالنفس التي أوكلتني إيّاها. فاسمح لي أن أوفِّقَ ، أكثر فأكثر، فيَّ وفيها، هاتين العاطفتين، بتجدّدٍ مستمرّ وتقرّب دائم لروعة عطائك السرّي لنا، ورغبةٍ فيكَ أنتَ يا مَن ترغب فينا أبدًا”[63].

ج) الخاصّة الثالثة هي التواصل والحوار. يقول بلونديل : “حلمتُ أبدًا بهذا التواصل الحميم وتبادل الأفكار والقلوب، هذا الحوار المستمرّ بيننا بالفم والنظرات، بالقلم وبكلّ أشكال التبادل اللّغوي في الحبّ. نتبادل كلامًا ونتكاتب في كلّ أمور قلبنا الحميمة، ولن تكفينا الحياة في استهلاك هذا التواصل”[64].

د) الخاصّة الرابعة هي النموّ سوية. فيقول : “علينا أن ننمو سويّة وأن نتدرَّج في بناء حياتنا المشتركة”[65]. هذا النموّ، بالنسبة إلى بلونديل، ليس نموًّا نفسيًّا أو بشريًّا مصدره الطاقة الإنسانيّة، بل هو نموٌّ يجد دافعه الأعمق في قوّة يمنحها الربّ فيقول: “بعد ستة أشهر من زواجنا، ونحن في نموّ مستمرّ، وسيكون كذلك أبدًا، ذلك لأنكَ يا ربّ تضع في الأنفس المسيحيّة قوّة لامتناهية من أجل التجدّد والنموّ، وحاجة أبديّة للحبّ”[66].

هـ) الخاصّة الخامسة هي التجدّد المتبادل. يقول بلونديل: “يسكن هذا الحبّ العذب سحر، أبقى عاجزًا عن التعرّف فيه إلى ذاتي. فها إني قد تغيَّرت ! أعطني يا ربّ أن أفيد ذاتي من هذا التغيير الشافي، وأن أفيد منه النفس التي أعطتني وكالة إسعادها”[67]. وبعد فترة من الزمن يعود ليكتب: “هذه التي أعطيتني إيّاها يا رب لكي أحبّها ، كم تساهم في تجديدي ! وكم إنّها تتجدّد هي، وكلّ شيء حولها وحولي!”[68].

و) الخاصّة السادسة هي التكاتف الشجاع. وهو أمر لا يتمّ إلاَّ بدافع الفرح، فيقول: “بهذا الفرح الذي لا يمكن التعبير عنه، أتقبَّل من شفاه مَن أعطيتني رفيقة العمر، حميَّة شجاعة تدفعني من خلالها أن أتقدّم بالمركب إلى العمق، وأن أرفع قلبي إليك. فلتدرك مقدار حبّي لها”[69]. ثمّ يعاود التعبير في الأمر عينه فيقول : “ما أبهاكِ أيتها الحبيبة روز. ! عوض أن أشدّد عزيمتك وأعزّز قوّتك، ها أنتِ تشجعيني وتقوّيني. كم أشعر أنني أحبّك بشكل مختلف، وأكثر وأفضل من قبل”[70].

ح) الخاصّة السابعة هي الشّكر. فيعبّر أولاً عنه بصورة رائعة عندما يقول: “بعد يوم مضنٍ، لم أستطع استعادة ذاتي لكي أشكر الله على كلّ عطاياه. ها إني أستريح في حبّكِ، وأشكركِ لأنّك تفتحين قلبكِ عليَّ أكثر فأكثر”[71]. ويتابع في موقع آخر فيقول : “لا يسعني يا حبيبتي أن أعبّر لكِ عن كلّ مكنونات قلبي، وكم إنني ممتنٌّ لكِ لكلّ عطاياك وحبّك القوّي والصافي، حتّى إنّني لا أستطيع أن أتصوَّر أفضل منه (…) لقد نمت شعلة حبنا باستمرار ولم تعرف الضعف ولا السقوط (…) الله وحده يعرف ما أرغب في التعبير عنه من عرفان الجميل، ومن صلوات لأجلك”[72].

2 ـ صعوبات الحبّ

يرى بلونديل إطار العلاقة الزوجيّة بين الرجل والمرأة في التكامل بينهما وفق تراتبيّة الخلق كما يراها القدّيس بولس، فيقول موجّهًا كلامه إلى زوجته: “أنتِ تُشدّدين عزيمتي وتقوّيني، وفي الوقت نفسه تذكّريني بكلمة القديس بولس العميقة والقاسية في آن، بأنّ المرأة هي للرجل، وليس الرجل للمرأة، ذلك لأنّ الرجل خُلق لخدمة الله. لهذا يُظهر الرجل حبّه للمرأة ويشركها، بإخلاص وتفانٍ، بالعمل الذي لا يمكنها مباشرته من دونه، كما أنّه لا يمكنه إتمامه من دونها”[73].

في هذا التكامل يسطّر بلونديل بعض الصعوبات أو العوائق التي اختبرها في علاقته الزوجيّة، ونتكلّم هنا على أربع منها هي :

أ) القلق :  يقول بلونديل : “لديّ شعور بأننا خلقنا الواحد للآخر. وأنتِ تثبتين لي هذا الأمر، بينما أتقاعس أنا عن إثباته، إذ أغرق في حماقة قلقي وفي تخيّلاتي اللامعقولة. ستظلّين أنتِ حناني وحكمتي”[74]

ب) البُعد : يقول بلونديل: “ما يُجهدني هو أن أتفكّر في الآلام التي تشعرين بها عندما أكون منهمكًا بتأملاتي الفكريّة كأنّني أسلب منكِ شيئًا من القلب الذي عليَّ أن أهبكِ إيّاه كاملاً . إنّما الأمر ليس هكذا، وأنتِ تعرفين وترغبين في أن أكون عاملاً؛ وإذا أبديتُ حيرة، فذلك لأنّني أكون في اضطراب من أن أتفرّد باسترخاء وفتور من حبّك”[75]. ثمّ ما يلبث أن يسترجع ذاته ليكتب : “يجب ألاّ تبعدني مهمّاتي اليوميّة، ولا أتعابي، عن الانتباه إليكِ. وعندما يناديني الواجب بعيدًا عنكِ فليكن هذا أن أترك الله لألتقي بالله”[76].

ج) الحزن والألم : يعبّر بلونديل عن هذه الصعوبة فيقول : “ينتابني أحيانًا شعور بثقل الحياة، فأقف حائرًا بألم أمام المصير البشري الذي شوّهته الخطيئة، وأرزح تحت وطأة الحزن الذي أجهل سببه. سامحيني يا حبيبتي روز، لأنّني لم أوفّر عليك رؤية هذا العناء فيَّ، وقد سبّبت لكِ حزنًا بالملل الذي يكتنفني، والتقزّز الداخليّ، والارتخاء الخلقيّ، من دون أن أفصح لكِ عن أسبابه التي أجهلها. فأخشى ألاّ أكون، في هذه الحالة، على مقدار ما يحقّ لك أن تتمنيه فيَّ، وهذا ما يحزنني، من دون أن توفّر لي هذه الخشيةُ القوّة اللازمة لأتخاطاها. أعطني يا ربّ أن أعرف الألم البشري، من دون أن أسبّب ألمًا لتلك التي أوكلتني إسعادها”[77].

د) الخدمات الماديّة : في إثر دخول زوجته المستشفى والبقاء إلى جانبها اهتمامًا بها، يكتب: “يا إلهي ! كم أن سُبلك هي غير سُبلنا ! كنت أرغب بفترة خطوبة أطول لكي أتعرّف وأنعم برقة النفس التي أعطيتني، فلم تسمح لي بذلك. كنت أودّ أن أفتتن لمدة أطول بانطلاقة الحبّ الأولى، من دون ظلال أو قلق مستقبليّ، فوضعتني تجاه فراش الألم في غرفة للاستشفاء. كنت أودّ تدريب روح حبيبتي قليلاً على هواي، وأن أرتقي بها نحو الاهتمامات الفكريّة التي ما زالت علّة وجودي، وها إنكَ، يا إلهي، تحوّلني من صديق وأستاذ وفيلسوف إلى ممرّض عديم المهارة. لتكن مباركًا، يا إلهي، لأنكَ أردتَ ما لم أكن أريده أنا. هذا هو الصلاح. هذه هي المعرفة التي تفوق تلك التي نعلّل ذواتنا لها متبجحين أمام الناس”[78].

3 ـ ثمرة الحب

         عيش بهاء الحبّ الزوجيّ، بالرّغم من الصعوبات التي تكتنفه، له ثمار مباركة في ولادة حياة جديدة. يكتب بلونديل بعد أشهر قليلة من الزواج: “يبدو أنّ الرب مهتمّ بمباركة حبّنا وتثميره، كما طلبنا منه. فهو يؤكّد لنا أنّه يرضى بوحدتنا وبصلاتنا (…)،  هو يدري صعوبات الأمومة، ولا يشعر بإساءة أمام اضطرابنا اللاإراديّ تجاه هذا السرّ العميق. حقًّا، ما أعظم الشعور بالأبوَّة ! جميلة هي كلمة “الأب” بعد كلمة “الأم”[79].

         يكتب بلونديل قبل ولادة طفله الأول شاكرًا زوجته: “أشكرك يا حبيبتي روز للفرح والسلام والعذوبة التي تمنحينني إيّاها بحضوركِ، وتفانيكِ، وعطائك المتواضع والورع. فأنتِ تبحثين دومًا عمّا يُفرحني فكرًا وعملاً. ليكن هذا الطفل الذي سيولد منكِ مكافأة لك (…) تعالي لنصلّي سويّة”[80]. وبعد ولادة الطفل يكتب برقّة عالية ما يشعر به: “أشعر بانسحاق أمام سرّ الحياة والموت الذي يحيط بالولادة (…) – أيّها الطفل العزيز، عليك أن تعلم يومًا أنكَ وُلدت من رغبة مقدّسة ومن حنان استمرّ يطلب منذ أشهر، من الآب، أن يبارككَ !”[81].

         يدرك بلونديل عمق سرّ المعموديّة فيكتب قائلاً : “أعطنا يا ربّ النعمة لكي ننشئ لك هذا الطفل شارل الذي سيصبح نهار غد ابنكَ (…)، وقد صلّيتُ لكَ أيضًا من أجل أمّه، فلها منّي كلّ تكريم وحنان، لأنّها استحقّت بجدارة هذا اللّقب المجيد، الذي تزيّنتْ به أرفع الخلائق وأفضلها؛ أمّكَ أنتَ، يا إلهي !”[82].

         وفي يوم المعموديّة يكتب بلونديل عن ثمرة الحبّ المرتبطة بالحياة الإلهيّة، فيقول: “يوم المعموديّة، يوم الولادة الروحيّة، يوم الدعوة إلى الحياة الأبديّة، يوم الخليقة الإلهيّة… ما قيمة الحياة التي نساهم في إعطائها لأولادنا، أمام الحياة الإلهيّة التي يمنحها إياهم الـربّ ؟ هذا الولد لم يعد لنا. نحن نقدّمه على المذبح، كما المسيح، وعلينا أن نراه هناك دومًا. طوبى للأمّ التي تنال المكافأة على آلامها، فهي لم تشترك في الآلام إلاّ لمقاسمة المجد”[83].

الخاتمــة

         لم نسترسل في عرض رؤية بلونديل للحب والزواج. أردنا هذه العناوين، التي تتطلب تحليلاً وتمحيصًا، لكي نبيّن أن الفيلسوف المسيحيّ هو أبهى الفلاسفة، لأنه يجمع في الرباط العلويّ المقدّس كل ما هو موجود، في العقل أكان، أم في النفس، أم في الجسد، فكرًا أكان أم عملاً أم عاطفة. كلّ شيء يبدأ ويأخذ معناه في العلاقة الحميمة بالربّ.  بهذا الرباط العلويّ يجد الانسان معنى لكل ما يأتي به، هناك قمة السعادة التي لا يمكن لأحد أن يسلبه إياها.  وما عدا ذلك فإنه باطل ولا مقام له.   

 

وختامًا نورد ثلاثيّة نِعم طلبها بلونديل، وقد تحققت له. فيقول: “طلبت منكَ يا ربي ثلاث نِعم :

أن أبلغ غبطة الأبدية برفقة كل الأشخاص الذين أوكلتهم إليَّ.

أن أساهم في إسعاد هذه النفس الرضيَّة التي أعطيتني إياها، وهي التي تهب ذاتها كاملة لي.

أن أتمّم بشكل كامل المهمّة الفلسفيّة والرسوليّة التي قلّدتني إياها”[84].

[1] موريس بلونديل، العمل، PUF، L’action، 1893، ص 253-261.

[2]  المرجع نفسه، ص. 258.

[3]  المرجع نفسه، ص. 257.

[4]  المرجع نفسه، ص. 258.

[5]  المرجع نفسه، ص. 443.

[6]  المرجع نفسه، ص. 442.

[7]  الدفاتر الحميمة، 27 نيسان 1895، (II – 39).

[8]  المرجع نفسه، 7 نيسان 1889، (I – 196).

[9]  المرجع نفسه، 17 كانون الأول 1886، (I – 97).

[10]  المرجع نفسه، 26 نيسان 1889، (I – 203).

[11]  البابا يوحنا بولس الثاني، الإيمان والعقل، الفقرة 106.

[12]  المرجع نفسه، الفقرة 104.

[13]  الدفاتر الحميمة، 25 كانون الثاني 1887، (I – 104).

[14]  المرجع نفسه، 19 كانون الأوّل 1883، (I – 25).

[15]  المرجع نفسه، 7 نيسان 1883، (I – 196).

[16]  المرجع نفسه، (I I – 139).

[17]  المرجع نفسه، 19 آب 1889، (I – 239).

[18]  المرجع نفسه، 7 كانون الأول 1885، (I – 61).

[19]  المرجع نفسه، 0 آذار 1890، (I – 338).

[20]  المرجع نفسه، 12 تشرين الأول 1886، (I – 86).

[21]  المرجع نفسه، 30 نيسان 1888، (I – 136).

[22]  المرجع نفسه، 17 كانون الثاني 1890، (I – 310).

[23]  المرجع نفسه، (I I – 93).

[24]  المرجع نفسه، 19 آذار 1889، (I186).

[25]  المرجع نفسه، 2 آذار 1889، (I – 179).

[26]  المرجع نفسه، (I I – 146).

[27]  المرجع نفسه، 17 آذار 1888، (I – 132).

[28]  المرجع نفسه، 26 شباط 1895، (I I – 30).

[29] المرجع نفسه، 1 تموز 1890، (I – 362).

[30]  المرجع نفسه، 1 تشرين الثاني  1888، (I – 152).

[31]  المرجع نفسه.

[32]  المرجع نفسه، 16 آذار 1888، (I – 132).

[33]  المرجع نفسه، 25 نيسان 1889، (I – 201).

[34]  المرجع نفسه، 1 نيسان 1890، (I – 350).

[35] المرجع نفسه، 5 شباط 1890، (I – 320).

[36]  المرجع نفسه، 12 تشرين الأول 1886، (I – 86).

[37]  المرجع نفسه، 11 حزيران 1889، (I – 222).

[38]  المرجع نفسه.

[39]  المرجع نفسه، 29 تشرين الأوّل 1888، (I – 151).

[40]  المرجع نفسه، 11 حزيران 1889، (I – 222).

[41]  المرجع نفسه، 29 تشرين الأول 1888، (I – 151).

[42]  المرجع نفسه، 21 تشرين الأول 1889، (I – 261).

[43]  المرجع نفسه، 1 حزيران 1895، (I I – 43).

[44]  المرجع نفسه، 16 حزيران 1889، (I – 223).

[45]  المرجع نفسه، 6 كانون الأوّل 1883، (I – 20).

[46]  المرجع نفسه، 25 تشرين الأوّل 1912، (I I – 111).

[47]  المرجع نفسه.

[48]  المرجع نفسه، (I I – 145).

[49]  المرجع نفسه، 23 كانون الثاني 1887، (I – 103).

[50]  المرجع نفسه، 1 نيسان 1890، (I – 350).

[51]  المرجع نفسه، 5 تشرين الثاني 1894، (I – 539).

[52]  المرجع نفسه.

[53]  المرجع نفسه.

[54]  المرجع نفسه، 8 كانون الثاني 1884، (I – 33).

[55]  المرجع نفسه، 5 تشرين الثاني 1894، (I – 539).

[56]  المرجع نفسه، 6 تشرين الأول 1887، (I – 108-109).

[57]  المرجع نفسه.

[58]  المرجع نفسه.

[59]  البابا بنديكتوس السادس عشر، الرسالة العامة  الله محبة، 25 كانون الأول 2005، الفقرة 4.

[60]  الدفاتر الحميمة، 6 تشرين الثاني 1894، (I – 540).

[61]  المرجع نفسه، 6 كانون الثاني 1895، (I I – 16).

[62]  المرجع نفسه.

[63]  المرجع نفسه، 10 كانون الثاني 1895، (I I – 18).

[64]  المرجع نفسه، 7 كانون الثاني 1895، (I I – 16).

[65]  المرجع نفسه، 24 كانون الثاني 1895، (I I – 20).

[66]  المرجع نفسه، 12 حزيران 1895، (I I – 44).

[67]  المرجع نفسه، 9 كانون الثاني 1895، (I I – 17).

[68]  المرجع نفسه، 15 نيسان 1895، (I I – 39).

[69]  المرجع نفسه، 9 كانون الثاني 1895، (I I – 18).

[70]  المرجع نفسه، 18 شباط 1895، (I I – 27).

[71]  المرجع نفسه، 19 تموز 1895، (I I – 48).

[72]  المرجع نفسه، 12 تشرين الأول 1895، (I I – 53).

[73]  المرجع نفسه، 6 شباط 1895، (I I – 24).

[74]  المرجع نفسه، 18 شباط 1895، (I I – 27).

[75]  المرجع نفسه، 6 شباط 1895، (I I – 24).

[76]  المرجع نفسه، 20 تموز 1895، (I I – 48).

[77]  المرجع نفسه، 12 تموز 1895، (I I – 47).

[78]  المرجع نفسه، 25 شباط 1895، (I I – 29).

[79]  المرجع نفسه، 18 شباط 1895، (I I – 26).

[80]  المرجع نفسه، 29 تموز 1895، (I I – 49).

[81]  المرجع نفسه، 16 تشرين الأوّل 1895، (I I – 54).

[82]  المرجع نفسه، 18 تشرين الأول 1895، (I I – 55).

[83]  المرجع نفسه، 19 تشرين الأول 1895، (I I – 56).

[84]  المرجع نفسه، 10 أيار 1895، (I I – 41).