توزيع الإفادات للمشاركين في دورة التنشئة الليتورجيّة – ٢٠٢٤

في ختام دورة التنشئة الليتورجيّة، وبحضور راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد الساتر، نظّم مكتب الشؤون الليتورجيَّة بالتعاون مع المركز الراعوي الأبرشي حفل توزيع إفادات، تحمل البركة الأبويّة لصاحب السيادة، للمشاركين في الدورة من رعايا الأبرشيّة ومن رعيّتي مار سمعان – السبتية ومار الياس – حوش الأمراء في زحلة للروم الملكيّين الكاثوليك، وذلك في صالون كنيسة القدّيسة ريتا في سنّ الفيل، بحضور النائب العام المونسنيور اغناطيوس الأسمر، ومسؤول مكتب الشؤون الليتورجيّة المونسنيور بيار أبي صالح، ومسؤول المركز الراعوي الأبرشي الخوري بيار الشمالي، وعدد من المتقدّمين بين الكهنة في قطاعات الأبرشيّة وعدد من كهنة الرعايا والراهبات، وأعضاء مكتب الشؤون الليتورجيّة.
استهلّ الحفل بصلاة تخلّلتها تأمّلات وطلبات وقراءات وترانيم.
وفي حلقة حوار أدارها مسؤول المركز الراعوي الأبرشي الخوري بيار الشمالي، أجاب المطران عبد الساتر على أسئلة المشاركين، شاكرًا إيّاهم على متابعتهم دورة التنشئة وشاكرًا أيضًا الآباء الذين ساهموا في إنجاح هذه الدورة وفريق عمل كنيسة القدّيسة ريتا على حسن تنظيمه لهذا اللقاء، ومشدّدًا على أنّنا نعيش في زمن السينودس الذي يكرّس العمل التعاوني والمشترك بين الرعاة وكهنة الرعايا والعلمانيين والعلمانيات، ولافتًا إلى أنّ هدف الليتورجيا التعرّف أكثر إلى الرب وعيش فرحة اللقاء معه وتعزية المحزونين ومخاطبة شعب الله المجموع لإلهه وربّه ومخلّصه. ومن هذا المنطلق، كلّ ما يساهم في تعزيز هذا الهدف هو مرحّب به، وعلينا تجنّب كلّ ما لا يساهم في خير الإنسان ونموّ حياته الروحيّة وقربه من الربّ. وختم المطران عبد الساتر قائلًا: “نحن الذين لدينا الحياة والفرح بفعل حضور الربّ في حياتنا، علينا أن ننطلق لنشهد ونبشّر ونعرّف الجميع على يسوع المسيح، ونتحلّى بجرأة التلاميذ الأوّلين متسلّحين بالروح التي الحاضر معنا دومًا”.
وكانت كلمة للمونسنيور بيار أبي صالح جاء فيها: “إنّ المجمع الفاتيكاني الثاني ومن بعده المجمع البطريركيّ المارونيّ، شدّد على دور الأسقف في توفير التنشئة اللازمة للمؤمنين وخاصّةً في مجال الليتورجيا من خلال دورات تثقيفيّة ومحاضرات روحيّة. وذلك كون الأسقف هو المسؤول الأوّل والمؤتمن على الحياة الليتورجيّة في أبرشيّته وكونه حارسًا لها وراعيًا ومرافقًا لقطيع المسيح.
ولأنّكم يا صاحب السيادة حريصون على ذلك، كان من أولى اهتمامكم إنشاء المكتب الليتورجيّ وإعطاؤه السّند والتوجيه والدعم اللازم. فباركتم جميع أعماله، وبخاصّة دورة خدّام المذبح وقندلفت الرّعايا، وهذه التنشئة الليتورجية التي كلّلتموها بحضوركم الأبويّ اليوم. فحضوركم هو علامةٌ حسّية ومنظورة لمدى إيمانكم بقدسيّة العمل الليتورجيّ وارتباطه بحياتكم وحياة المؤمنين الّذين ائتمنكم الرّبّ على خدمة وخلاص نفوسهم. باسم مكتب الشؤون الليتورجيّة في الأبرشيّة كهنةً وعلمانيّين نشكركم على اشراكنا في هذه الرسالة التي تشكّل محور حياتكم الأسقفيّة.
وكان لنا أيضًا بتوجيهاتكم، فرح التعاون مع مسؤول المركز الرّعوي الأبرشيّ الخوري بيار الشمالي ومعاونيه، فتضافرت الجهود بروح سينودسيّة في الأبرشيّة قوامها الشركة والشراكة. وهذا العمل ما كان ليبصر النّور لولا تطوّع المحاضرين الّذين أغنوا التنشئة بثقافتهم وروحانيتهم وكانت محاضراتهم مطبوعة بروح علميّة ونفس رعويّ يجاوب على تطلّعات تعليم الكنيسة. فشدّدوا على أهميّة تجديد الحياة الليتورجيّة وذلك من خلال المشاركة الفعّالة والمثمرة التي تقتضي تنشئة وتربية الرعاة والمؤمنين على الدخول في روح الليتورجيا والغوص في جوهرها والتأمّل برموزها ومعانيها بدهشة متجدّدة. فالليتورجيّا قبل أن تكون عملاً يعلّم، هي احتفالٌ بسرّ الحبّ الإلهيّ. سرٌّ تعكس الليتورجيّا جماله وتدفعنا لنتذوق طعمه في مسيرة حجّنا نحو الملكوت.
ومن هنا يبرز الوجه التبشيريّ لليتورجيّا، فكلّ احتفال يختم دائمًا بالإرسال وحمْل الرسالة: فمن نحتفل به وما نعيشه يجعلنا ننطلق بجرأة وزخم لنقل فرح اللقاء الحقيقيّ واختبار حضور الله الحيّ في حياتنا وإلّا أصبحت احتفالاتنا «كنحاس يطنّ أو كصنج يرن» (ا قور 13/1).
وفي هذا الصدّد يذكّرنا البابا فرنسيس من خطر كبير : «ألا يتعرّض جمال الاحتفال المسيحيّ في حياة الكنيسة الى تشوّه بسبب فهم سطحيّ ومختزل لقيمته» (الرسالة الرسوليّة Desiderio desideravi). وهذا يتطلّب إعادة اكتشاف الجمال الليتورجيّ، من خلال أهميّة الشرح والتبسيط وتوضيح المفاهيم والمدلولات والمعاني، فتجعل المؤمن يشعر بأن الكنيسة بيته، والعبادة لغته. ففي الليتورجيّا، نسبّح الله ونمجّده بكل كياننا وحواسنا: فأنفنا يعشق رائحة البخور، وعيوننا تستمتع بالمشاهدة والتأمّل ولساننا وحنجرتنا يتلذّذان بالتمجيد، وعقلنا يقترب من الإدراك وفهم النصوص، وأيدينا ترتفع للّقاء، وركبنا تسجد بالتواضع، وقلوبنا تنفتح للإستقبال، وفمنا يمتلئ بلهيب المناولة. وأذاننا تستعذب الموسيقى والألحان. فندخل في هذه البيئة الليتورجيّة ونتحوّل من متفرّجين ومشاهدين إلى مشاركين في حياة الله والجماعة. فالليتورجيا هي سمفونيّة تعلن حضور الله الفاعل فينا وبيننا. إنّها ليست حكرًا على المحترفين، بل مشاركة واعية وفعّالة من الجميع فكلّ عضو له دور فعّال في بناء جسد المسيح السرّي أي الكنيسة.
فالشكر للربّ على هذه التنشئة التي ساعدتنا للتقرّب أكثر من ينبوع حبّه اللامتناهي ودفعتنا لنجدّد عيشنا الليتورجيّ بالتزام ووعي ومشاركة أفضل. شكرًا لكم، يا صاحب السيادة، على حضوركم وعلى ما ستغنون به نفوسنا اليوم من روحانيّتكم وخبرتكم الرعويّة. أشكر أعضاء المكتب الليتورجيّ والمركز الرّعويّ الأبرشيّ والمحاضرين ومعهد الحكمة الفنيّ الّذي استضافنا طيلة أيّام الدّورة، والشكر للكهنة الّذين شجّعوا وأرسلوا نواة من رعاياهم للمشاركة، وأشكر كهنة رعيّة سن الفيل على استضافتنا في هذا اللقاء الختاميّ، مع دائرة التّواصل والمكتب الإعلاميّ في الأبرشيّة الّذي تابع خطواتنا وأحيّي جهود المشاركين ومثابرتهم وشغفهم بالليتورجيا. وشكرًا لحضوركم ولكلّ من نظّم وتعب بتحضير هذا اللقاء.
وقبل أن نتذكّر ما عشناه في هذه الدورة من خلال الفيديو الذي سيعرض ملخّصًا مراحل التنشئة، اسمحوا لي أن أختم بقول للكاردينال روبرت سارة: «على احتفالاتنا الليتورجيّة أن لا تكون صاخبة طاغية عليها الروح الدنيويّة، بل ليبقى الله هو محورها».
وبعد عرض فيديو لخّص أبرز مراحل الدورة، وُزّعت الإفادات على المشاركين.

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.