حفل تخرّج طلّاب جامعة الحكمة – ٢٠٢٤

شارك رئيس أساقفة بيروت للموارنة ووليّ جامعة الحكمة الطلّاب فرحتهم بنيلهم شهادات تخرّجهم لدورة عام ٢٠٢٣ – ٢٠٢٤ التي حملت اسم نائب رئيس الجامعة والعميد السابق لكليتي الحقوق والعلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة الدكتور الراحل ملحم الكك، الذي توفاه الله في شهر آذار الفائت في عزّ عطائه الأكاديمي، وكان نموذجًا للتضحية والمثابرة والوفاء وقدّم في مساره العلمي والثقافي والمهني والإنساني مثالًا للطلاب ومجمل عائلة الحكمة.
الحفل الذي أقيم في حرم كليّة السياحة وإدارة الفنادق في الأشرفيّة بدعوة من رئيس الجامعة البروفيسور جورج نعمة، حضره الوزير السابق دميانوس قطار بصفته ضيف الشرف، والنائب الرسولي ورئيس الطائفة اللاتينية في لبنان المطران سيزار إيسايان، وراعي أبرشيّة جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس المطران ميخائيل شمعون، والنائب البطريركي للدراسات السريانية في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية المطران روجيه أخرس، ومتروبوليت بيروت للروم الأورثوذكس المطران الياس عودة ممثَّلًا بالأب نكتاريوس خيرالله، والمونسنيور كميل مبارك، والمونسنيور الياس الأسمر، والأمين العام للمدارس الكاثوليكيّة الأب يوسف نصر، ووزير التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي ممثّلًا بالقاضي مكرم المشطوب، والنائب نديم الجميّل، وسفير المغرب في لبنان محمد أكرين ممثلًا بمستشاره للشؤون الاقتصادية زكريّا فصال، وقائد الجيش العماد جوزف عون ممثّلًا بالعميد فؤاد الزغبي، ونقيب المحامين في بيروت فادي المصري، ورئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية، ومدير عام الأمن العام اللواء الياس البيسري ممثلًا بالمقدم شادي حنا، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا ممثلًا بالمقدم مروان منصور ، ومدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد الركن طوني قهوجي ممثلًا بالمقدّم سامر الفغالي، والمديرة العامة للمستشفى اللبناني الجعيتاوي الأخت هادية أبي شبلي، والرئيسة السابقة لجامعة الحكمة البروفسور لارا كرم البستاني، وعضو لجنة المعادلات في وزارة التربية الدكتور إيلي أحمر، ومدير عام القضاء المذهبي الدرزي القاضي فيصل ناصر الدين، ورؤساء مدارس الحكمة، ولفيف من الكهنة والآباء، وعدد من الراهبات، وعائلة الدكتور ملحم الكك، وشخصيات نقابية وقضائية وقانونية وشركاء للجامعة وعائلة الجامعة وحشد من أهالي المتخرجات والمتخرجين.
وفي كلمته، توجّه المطران عبد الساتر إلى المتخرجين والمتخرجات بالقول: “كلمات قليلة أقولها لكم يا أيّها المتخرجون والمتخرجات في هذه المناسبة السعيدة. كلمات من القلب أقولها لا للوعظ ولا للتأديب ولا للتأنيب. كلمات يقولها الأخ الأكبر لإخوته ولأخواته الذين يحبّ لمّا يبلغوا مفترق طريق في حياتهم.
– لبنان هو وطن لكلِّ اللبنانيين بالتساوي، من كلِّ الأحزاب والأديان والمناطق. يستمرّ بتمسّك أبنائه وبناته به وبجهدهم وبتضحياتهم لأجله. ولكنه يزول حتمًا إن هؤلاء تخلّوا ورحلوا عنه. فلا تسرعوا في الرحيل.
– لبنان هو رسالة انفتاح وحوار. إنَّه مكان التلاقي بين الأديان والثقافات. وُجد لما طالب وعمل المسيحيون والمسلمون معًا من أجل نشأته واستقلاله. أرجوكم إبتعدوا عن التعصب وعن الاستقواء وعن التسلّط. إنفتحوا على الآخر الغني بالإنسانيّة والتقاليد والقيم ولا توقفوا الحوار معه أبدًا.
– علّمتنا حرب سنة ألفٍ وتسعماية وخمس وسبعين أنَّ السماح للخارج بالتدخّل في أمورنا الداخليّة والإصغاء إليه والعمل بإرادته بغية الحصول على السلطة أو للتسلّط على الآخر يؤدي إلى الخراب وإلى موت العديد من الأبرياء. لا تصغوا إلا إلى صوت ضميركم ولا تسعوا خلف السلطة إلا من أجل الخدمة ولا تتسلّطوا على أحد لأن الله يسمع أنين المقهورين.
– عالم اليوم غابت منه قيم التعاون والتضامن والمشاركة والصدق والصداقة وحلّ مكانها المصلحة الشخصيّة، والربح السريع والسعادة الفرديَّة. فصار العالم أقسى والإنسان أكثر وحدة والتنافس أشرس والبيئة عقيمة. عودوا إلى القيم التي عاشها أجدادنا وانشروها أينما وجدتم. أحبوا الآخر والأرض لأنها منزلنا المشترك واعتنوا بهما ليعود العالم مكانًا يمكن العيش فيه ويعود الآخر شريكًا لنا في التطوير والبناء.
– كونوا دومًا متميزين بعلمكم وثقافتكم وبصدقكم وبنزاهتكم وبتجردّكم من الزائل والباطل.
– أنشروا في كلّ مكان المحبّة والفرح.
شكرًا لجامعة الحكمة رئيسًا وهيئة تعليميّة وإداريّة وعمالاً على نتاج تعبهم الحاضر أمامنا. أطلب منكم ألّا تتوقفوا عن محبّة طلابكم وطالباتكم وأن تدعموهم، لا بالعلم فقط، بل بالمثل وصلواتكم كلّ يوم. وأطلب منكم في هذا المساء ألا يعود أي طالب أو طالبة خائبًا من جامعة الحكمة بسبب القسط الجامعي، فجميعنا يعلم أن من يعطي الآخر الله يعطيه، وشبابنا بحاجة الى العلم ليبنوا مستقبلهم ونحن المكان المستعد أن يؤمن لهم العلم ليبنوا المستقبل لأنّ بلدنا معتمد عليهم.
شكرًا لكم أيّها المتخرجات والمتخرجون على وفائكم لذكرى المغفور له المرحوم الدكتور ملحم الكك الذي بحضوره وعلمه وعمله بيننا زاد الجامعة إنسانيّة. وهنيئًا لكم نجاحُكم.
عاش لبنان وعاشت جامعة الحكمة، جامعةُ الكلّ ومن أجل الكلّ!”.
بدوره، دعا البروفسور نعمة الخريجين في كلمته إلى الإلتزام بالمواطنة قائلًا: “أود أن أشجعكم على أن تكونوا مواطنين مسؤولين وناشطين في مجتمع يعاني الكثير على مختلف الأصعدة. إنكم مدعوون لأن تكونوا عناصر فعالين في خدمة المجتمع. فمن خلال توجهاتكم وانفتاحكم والتزامكم، إسعوا من أجل بناء مجتمع قائم على العدالة والشفافية والأخلاقيات”. أضاف: “أينما حللتم، إحفظوا القيم الوطنية والإنسانية التي اكتسبتموها في جامعتكم واستنيروا بها، إتكلوا على ذاتكم، ولتكن ثقتكم بأنفسكم إلى جانب معارفكم ومؤهلاتكم، حافزًا للنجاح وللتغيير الإيجابي في مجتمعكم”.
ومتحدثًا عن جامعة الحكمة أكد نعمة أنها، بهيئتيها التعليمية والإدارية، تعمل دومًا لتحقيق رسالتها الأكاديمية والإنسانية في خدمة المجتمع، وهي، بتوجيهِ وليها، سيادة المطران بولس عبد الساتر رئيس أساقفة أبرشية بيروت المارونية، ومن خلالِ برامجها، ومن خلال بحثها العلمي، تستند الى كفاءات أساتذتها لتأمين أفضل إعداد لطلابها، وتضيف الى برامجها، باقة من النشاطات الثقافية والمهنية والاجتماعية، لتسهم من خلال طلابها وخريجيها، بتطوير المجتمعِ وتحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف البروفسور نعمة: “تشكل جامعتنا، التي تأسست عام 1875 والتي ستحتفل قريبًا بيوبيلها المئة والخمسين، مكانًا مناسبًا لولادة الأفكار وتوسيع حدود العلم والمعرفة. إن جامعتنا منفتحة نحو العالمية، تهيئ أجيالا من اللبنانيين واللبنانيات لمواكبة تطورات سوق العمل وترافق الناشطين من أفراد المجتمع في سعيهم للحصول على المعرفة”. وتابع رئيس جامعة الحكمة قائلا: “إن الجامعة متجذرة في لبنان الكبير وتعزز في رسالتها التعليمية والبحثية كما وفي توجهها نحو المشاركة المجتمعية، مبادئ القيم المسيحية كما وتلك المتعارف عليها عالميًا كالحرية والعدالة والمسؤولية الإجتماعية وكرامة الإنسان”.
وفي كلمته كضيف شرف حفل التخرج، لفت الوزير السابق دميانوس قطار إلى أنه من الصعب التوجه إلى المتخرجين بكلمات متفائلة من دون ركائز لهذا التفاؤل كما أنه ليس سهلا الخضوع للتشاؤم فقط بسبب أجواء ضاغطة بعضها حقيقي وبعضها الآخر مفتعل، وكأن هناك خارطة صعوبات تهدف لزرع اليأس في قلوب اللبنانيين والإحباط في نفوسهم.
وتوجه قطار للمتخرجين متحدثًا عن أهمية النجاح المستدام وعناصره. فقال إن اللبناني كفرد نجح في إثبات نجاح ظرفي، ولكن الوطن يحتاج إلى نجاح مستدام، وهذا يتطلب تدعيم التجربة اللبنانية الخاصة بمزايا تساعد على النجاح المستدام بحيث يصبح التعاون داعمًا للتضامن، التحوّل داعمًا للقدرة على التأقلم، التركيز والصبر داعمين لحب التعلم، التخطيط داعمًا لسرعة القرار، المثابرة داعمة لروح المبادرة، الصدقية داعمة لبناء شبكات العلاقات. ولفت معالي الأستاذ قطار إلى أننا في لبنان نخاف السلطة ولا نحترم القانون، فيما يجب علينا احترام القانون والمشاركة في السلطة، مؤكدًا أن كل ما سبق هو الطريق إلى النجاح المستدام.
وقال: “صحيح أن لبنان يقع في بؤرة أزمات لكنه أيضا يتموضع على تقاطع ثروات. نلوم لبنان أنه جاذب للصراعات وننسى أنه ضرورة للحلول والتسويات. صحيح أن اقتصاد لبنان صغير لكن اقتصاد اللبنانيين كبير. وتاريخنا يشهد على إمكاناتنا في خلق الثروات والآداب والإبداع!”
وتناول الوزير قطار توق الكثيرين من المتخرجين إلى السفر. ولاحظ أن في المجتمع المضيف عناصر عنف مؤسساتية وثقافية غير ظاهرة للعين المجردة، مضيفا أنه إذا كان السفر محتمًا فمن المفترض أن يكون السفر بحذر. وقال: “إرفضوا فكرة الفشل ولا تنتظروا الفرص بل جاهدوا لصنعها مقتنعين أنكم لبنانيون مبدعون. قاوموا شعور الإحباط بإرادة النجاح وانطلقوا بحيوية الشباب فأنتم نبض المجتمع. حاربوا محيط اليأس بالموقف الإيجابي والإنتاج وانتشروا كمواطنين ممتلئين بالقيم والإمكانات فبرفض الفشل ومقاومة الإحباط ومحاربة اليأس نصنع معًا الأمل للبنان فلا يُهزم!”
وختم داعيًا إياهم إلى أن يتذكروا دومًا إسم ملحم الكك بقيمه وأخلاقه وبتعابير إيمانويل كنت: “أرى النجوم ساطعة في السماء من فوقي، كسطوع القانون الأخلاقي في داخلي”.
الحفل الذي قدّمه الإعلامي يزبك وهبه، استهلّ بكلمة لطليعة الدورة الطالبة ريتا نجيب يونس ألقتها باسم الطلاب الذين استلموا شهاداتهم من المطران عبد الساتر، وزِرَّ انتمائهم إلى عائلة قدامى الجامعة من عمداء كليّاتهم. كما تسلّمت زوجة الراحل الدكتور الكك القاضي رندة كفوري وشقيقته سلمى الكك درعًا تكريميًا من المطران عبد الساتر والبروفيسور نعمة على وقع كلمات تلاها البروفيسور أنطونيو الزعني عن الراحل، كذلك قدم رئيس الجامعة درعًا تقديريًا لضيف الشرف الوزير السابق دميانوس قطار. وتخللت الحفل وقفتان فنيتان للمغنية ليال نعمة التي تمنّت لجامعة الحكمة دوام التألق والازدهار.

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.