أحد الموتى المؤمنين

القراءات:

١ تسالونيكي  ٥: ١-١١ ؛ لوقا ١٦: ١٩-٣١ 

في خضمِّ كلِّ ما نمُرُّ به من ضياعٍ ويأسٍ ومَوْت، بسببِ هذا الوباءِ الخبيث، الّذي يَخطفُ منَّا أحبَّاء، وهذا الألمِ الذي نشعر به لأنَّنا لا نستطيع أنْ نُودّعهم! وعلى الرُّغمِ منَ الميتاتِ اليوميَّة الّتي تفرضُها علَيْنا الظرّوفُ المعيشيَّة والسّياسيَّة والوطنيَّة، إنّها لَفرصةٌ لنا جميعًا أنْ نتأَمَّلَ في إنجيل “مثل الغني ولعازر” في تذكارِ أحد المَوْتى، فتكون من جهة عودة إلى الذَّات نُدركُ من خلالها هشاشتَنا ومحدوديَّتَنا، ومن جهةٍ أُخرى هي فُرصةٌ لنتأمَّلَ بالمَوْت، في بُعْدِه الإيمانيّ انطلاقًا من رجائنا المسيحي.

١. المَوْتُ خاتمةُ الحياةِ الأَرضيَّة

“ماتَ المِسكينُ فحمَلَتْه الملائكةُ إلى حضنِ ابراهيم. ثمَّ ماتَ الغنيُّ ودُفِن” (لو ١٦: ٢٢). إنَّ المَوْتَ هو خاتمةُ الحياةِ الأرضيَّة، وهو نعمةٌ نتذكَّرُ فيها أنَّنا “في العالَمِ ولَسْنا من العالَم”، وبأنَّ هدفَنا وعملَنا يبدأُ هنا ولكنَّه يكتملُ في السَّماء، حيث قالَ لنا يسوع نفسه بأَنَّ “في بيتِ أبي منازل كثيرة… وأنا ذاهبٌ لأعدَّ لكم مكانًا” (يو ١٤: ٢).

٢. معنى الموت المسيحي

يُفهمُنا التَّعليمُ المسيحي أنَّ “للمَوْتِ المسيحي، بفضلِ المسيح، معنى إيجابيًّا” ويستشهدُ بالقدّيس بولس: “الحياةُ لي هي المسيح، والموت ربحٌ لي” (في ١: ٢١)، وأنَّنا “إنْ مُتْنا معه فسنَحْيا معه” (٢ طيم ٢: ١١). ويكملُ التّعليم أنَّه “هنا تَكمنُ جدّة الموت المسيحي الأساسيَّة: بالمعموديَّة، المسيحي هو منذ الآن سريًّا ميتٌ مع المسيح، ليحيا حياةً جديدة…”.

٣. الموتُ دخولٌ في الحياة الجديدة

يتطلَّبُ كلُّ ذلك إيمانًا مبنيًّا على الرَّجاء. كما يتطلَّبُ حياةً مصدرها كلمة الله تغتني من الأسرار. فبعدَ سرّ العماد وسرّ التَّوْبَة، نحن مدعوّون إلى أنْ نتغذَّى بالقربانِ المقدَّس الّذي هو زادنا وقوتنا للحياة الأبديَّة. والميسح نفسه قال “مَنْ يَأْكُل جَسَدِي وَيَشْرَب دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِير” (يو ٦: ٥٤).

صلاة

نسألُ الله أنْ يُعطيَنا نعمةَ البرارة وأَنْ نسيرَ في طريقه، فيغدو مصيرُنا كمصيرِ الفقير الذي دخل السعادة بعدما تحمَّل مشقّاتِ هذه الأرض وظلمَها، ولكنَّ رجاءه بقيَ في الرّب، الّذي يَسمعُ صوتَ المظلوم ويُنقذُه، له المجد إلى الأبد.