الأحد الثاني من زمن العنصرة: أحد الثالوث الأقدس

القراءات:

روما ١١: ٢٥ – ٣٦؛ متى ٢٨: ١٦ – ٢٠

“لا تخافا! إذهبا وبشِّرا إخوتي ليذهبوا إلى الجليل، وهناك يرونني.” (متى ٢٨: ١٠) هذا ما كان أمرُ الربّ للمرأتَين اللَّتَين جاءتا تعاينان القبر. وها هم التلاميذ الأحد عشر، إخوة يسوع، يهرعون إلى جبل الجليل ليلاقوا معلّمهم ويعاينوا آية قيامته.

يسوع يرسل تلاميذه…

“إذهبوا إذًا فتلمذوا كلّ الأمم.” (متى 28: 19) إجتمع يسوع بتلاميذه في الجليل بقصد أن يبلّغهم الرسالة عينها الّتي كان هو قد خاضها في مستهلّ جولاته التبشيريّة. لقد استقبل التلاميذ الرسالة فراحوا يطوفون كلّ المدن والقرى، بين يهودٍ ووثنيّين، يكرزون بإنجيل الخلاص ويحقّقون الملكوت الّذي كان يسوع نفسه قد افتتحه. هي أيضًا الرسالة عينها الّتي تلقّاها كلٌّ منّا، فهل تسكن فينا الرغبة في أن نكون أمناءَ لما تسلّمناه ممَّن سبقونا؟

… لكي يحملوا سرّ الثالوث إلى العالم أجمع

 “عمِّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس” (متى ٢٨: ١٩). هنا بلغ الوحي ملأه، والكنيسة اليوم تحتفل بأحد الثالوث الأقدس، أي في الأحد الّذي يلي مباشرةً عيد العنصرة، لأنّه بالعنصرة ظهر لنا جليًّا الروح القدس وموهبته، وهو بدوره كشف لنا وأعطانا أن نفهم السرّ الإلهيّ الّذي حمله إلينا الإنجيل: الله ثالوث محبّة؛ ألآب أحبّنا غاية الحبّ فأرسل إلينا ابنه الوحيد، والابن تجسّد “من أجلنا ومن أجل خلاصنا” ومات وقام، والروح القدس، عطيّة الآب والابن معًا، يحقّق فينا سرّ الخلاص هذا ويجعل المحبّة الإلهيّة مقيمةً فينا.

“ها أنا معكم كلّ الأيّام إلى نهاية العالم” (متى ٢٨: ٢٠). هذا الكلام الّذي وعد به يسوع تلاميذه يذكّرنا بكلام الله لموسى حينما سأله هذا الأخير: “من أنا حتّى أذهب إلى فرعون (…)؟ فقال له الله: “أنا أكون معك.” (خر ٣: ١١ – ١٢) نعم! لم يعطِنا يسوع في رسالتنا سوى هذه الضمانة، وهي وحدها تكفي لتخلق فينا أبدًا القوّة والعزيمة والمناعة ضدّ كلّ عوامل الاستسلام واليأس. ونقول مع بولس الرسول: “إنّ أسلحة جهادنا ليست جسديّة، بل هي قادرة بالله على هدم الحصون المنيعة” (٢ قور ١٠: ٤). هلمّوا إذًا لنتبنَّى رسالة يسوع هذه، ولنختبِرْ على غرار هؤلاء التلاميذ قوّة القائم من الموت فينا، فنطبعَ العالم بأسره بحضور المسيح الحيّ. آمين.