الأحد الرابع من زمن العنصرة – يسوع يبتهج بالروح القدس

القراءات: 

١ قورنتس ٢: ١١-١٦؛ لوقا ١٠: ٢١-٢٤

يُميّز يسوع في كلامه ما بين الحكماء والفهماء، من جهة، والأطفال من جهةٍ أخرى. فالفئة الأولى تحتجب عنها حقيقة الله، سواء تلك التي في السماوات، أي حقيقة الله في ذاته، أو على الأرض، أي تجلّيه وعمله الذي يتحقّق في تاريخ الإنسان. أمّا الفئة الثانية، أي الأطفال، فالله يختار أن يُظهر لهم ذاته. لا يحمل كلام يسوع هذا دينونةً بقدر ما يوجّه دعوةً إلى كلّ إنسانٍ لاتّخاذ موقف من حقيقة الله. لا يدين يسوع نعمة الحكمة والفهم، فهاتان النعمتان من مواهب الروح القدس، بل يحثّنا على عَيْشِهما بكل انفتاح على عطيّة الروح القدس القادر وحده على إفهامنا ما هو حقّ وحقيقيّ.

في كلّ واحد منّا موقف الحكماء والفهماء في أعين ذاتهم، وكذلك موقف بساطة الأطفال. الحكماء والفهماء يبحثون عن الحقيقة بالمنطق والحجَّة. هم يُريدونها حقيقةً تتطابق مع تفكيرهم وإرادتهم ومصالحهم. أمّا الأطفال فليسوا بحاجةٍ إلى أن يُجهدوا أنفسهم في  البحث عن الحقيقة، فهي تحضر أمامهم وهم يستقبلونها بقلوب مندهشة. والحال أنّ البشر أمام الواقع أو الحدث الواحد تكون لهم مواقف مُتعدّدة. فالبعض لا يكترث لِما قد يكون بسيطًا وعفويًّا، والبعض الآخر يقرأ في أبسط الأمور أعمق الحقائق. هذان الخياران المُتاحان أمامنا يُحدّدان قابليّة عيوننا للنظر وآذاننا للسَّمع. فالله، الذي يُشرق شمسه على الأخيار والأشرار، أعطى الجميع إمكانيّة أن يروا ويسمعوا. ولكنّ القلب المنفتح وحده قادرٌ على استقبال النور الذي يُرشد، والصوت الذي يدعو. فالأطفال هم الذين لم تقسُ قلوبهم، بل ما زالت تتنبّه لتفاصيل لم تعد تلفت نظر الكبار.