الأحد الثاني عشر  من زمن العنصرة – إيمان المرأة الكنعانيّة

القراءات:

أفسس ٢: ١٧-٢٢؛ لوقا ١٩: ١-١٠

 “واحدةٌ تعوزك: بِعْ كلَّ ما لكَ ووزِّعْ على الفقراء، فيكونَ لك كنزٌ في السماوات، وتعالَ اتبعْني!” فلمّا سمعَ الرجل ذلك، حزنَ حزنًا شديدًا… (لو ١٨: ٢٢ – ٢٣) هي مقتطفاتٌ من الحديث الّذي جرى بين يسوع والرجل الغنيّ، تُرينا كيف أنّ دعوة يسوع الملِحَّة جُوبِهَت برفضٍ حزين. مقابل هذا الحزن الّذي يُخيّم على ذلك المشهد، نرى في إنجيل هذا الأحد فرحًا يرتسمُ على وجه زكّا الغنيّ، فرحًا قويًّا يدفعه إلى تغييرٍ جذريٍّ في مسار حياته: إنّها النعمة!

 نعم، إنّها نعمة يسوع الّتي عَمِلَت في قلب هذا “الرجل الخاطئ” (لو ١٩: ٧)، خاطئٍ إذ هو ملطَّخٌ بجَشَعِه وبتعلّقه الأعمى بالمال، وملطّخٌ أيضًا لأنّه، وهو يهوديٌّ “ابنٌ لإبراهيم” (لو ١٩: ٩)، ما حافظَ على طهارته الطقسيّة الّتي تمنعه من مخالطة من هُم وثنيّون، ونعني في هذه الحال، السلطات الرومانيّة. هي النعمة الّتي أعطته أن يجتاز هذه المسافة المهولة، فصار في ختام المطاف في عداد المُخلَّصين، وبالأكثر سببَ “فرحٍ في السماء” (لو ١٥: ٧)، “أمام ملائكة الله” (لو ١٥: ١٠).

 وأنا؟ هل أؤمن بقوّة النعمة المحَوِّلة الّتي أنالها بالمسيح يسوع؟ لكلٍّ منّا ربّما عاداتٌ سيّئةٌ شبَّ عليها، تعلّقاتٌ التفَّتْ كالشوك حول قلبه، طِباعٌ صعبةٌ تجعله يصطدم بالآخرين… ولكن، في كلّ ذلك، ما هو موقفي؟ هل أبرّر ذاتي قائلًا: لقد اكتسبتُ ذلك منذ طفولتي وما عاد في اليد حيلة؟ أم هل لي الجرأة أن أنظر إلى عينَي يسوع وأرى فيهما الشوق لكي يجترح في حياتي ما هو عجيبٌ في عينيّ وفي عيون من حولي؟

 هذه النظرة المُحَجِّمة في الكثير من الأوقات لذاتي، قد يحصل أن ألصُقَها على الآخرين أيضًا. في فترة الحجر المنزليّ الّتي مرَّت، تعلَّمْتُ أن ألتقي، بل أن أحتكّ بمن كانوا دائمًا حولي: أبي، أمّي، إخوتي، شريكي، أولادي… عَلِّمْني يا ربّ ألّا يكون هذا الاحتكاك سببًا لقطع العلاقات، بل فرصةً أقول فيها للآخر: يسوع يمرّ اليوم من هنا، تعالَ نستقبِلْهُ معًا في منزلنا على مثال زكّا، فيُدهشنا بعمل نعمته فينا ويجعلُنا نجدُ ذواتنا الّتي ربّما كنّا قد أضعناها في أباطيل هذه الحياة. آمين.