الأحد الأوّل بعد الصليب – طلب ابني زبدى

القراءات:

٢ طيموتاوس ٢: ١-١٠؛ مرقس ١٠: ٣٥-٤٥

يومًا بعد يوم يكشِفُ لنا الإنجيل ذهنيّةً جديدةً تناقض منطقنا البشريّ، وتضعنا أمام تحدٍّ لنختار ما بين العَيْش بحسب روح الإنجيل وروح العالم. فنحن نتربّى منذ نعومة أظافرنا على مبدأ البحث عن المراتب الأولى والمحافظة على مكانةٍ مرموقة في المجتمع. فمن حيث ندري، أو لا ندري، نُقيّم ذواتنا والآخرين انطلاقًا من إنجازاتٍ مطبوعةٍ بمبدأ التسابق، لا بل التضارُب، من أجل أن نكون أوّلين.

مشهديّة طلبِ ابني زبدى ليسوع تلخِّص بطريقة واضحةٍ المسعى الدائم لأن نضمَن لذواتنا مكانةً مهمّة، إن لم تكن الأولى، فعلى الأقل عن يمين الأوّل أو يساره. أمام هذا الواقع الإنسانيّ، يكشف لنا يسوع ماهيّة المجد الذي يجب أن نبحث عنه في قلب الجماعة المؤمنة. فهو يُدرك أنّ الصليب هو أسمى مكانٍ للمجد. وهو يُعلّمنا، من خلال حياته، أنّ الصليب هو المكان الأرقى حيث تتجلّى روعة المحبّة التي تبذل ذاتها. وبالتالي يدعو يسوع التلميذَين، ومن خلالهما، كلّ واحدٍ منّا، إلى الاصطباغ بمعموديّة الصليب والشهادة وبذل الذات.

هذا هو منطق الإنجيل، وهذه هي الأُسس التي تُبنى عليها كنيسة المسيح: “من أراد أن يكون فيكم عظيمًا، فليكن لكم خادمًا”. فالكنيسة هي جماعة لا تبحث عن المجد الأرضيّ ولا عن الضمانات الإنسانيّة. الكنيسة هي امتدادٌ للمسيح المصلوب والقائم من أجل حياة العالم. وبالتالي، لا وجود للكنيسة إلا معلّقة على الصليب، على مثال الأوّل فيها ومصدر وجودها، أي المسيح. لا شكّ في أنّ هذه حقيقة يصعب علينا تقبّلها، ولكنّها الحقيقة، حقيقة الإنجيل!