الأحد الثاني بعد الصليب – خراب أورشليم

القراءات:

١ قورنتس ١٥: ١٩-٣٤؛ متى ٢٤: ١-١٤

عندما يُفكّر الإنسان بسرّ وجوده يجد نفسه أمام سؤالين أساسيّين. الأوّل يتعلّق بالبدايات، أي بمبدأ وجوده ومصدر تكوينه؛ والثاني ينظر في النهايات، أي مصير الإنسان وغاية حياته. فالبداية والنهاية تتكاملان. هذا السرّ ليس غريبًا عن تاريخ الإيمان. فالكتاب المُقدّس يبدأ بالكلام عن قصّة الخلق لينطلق من تساؤل الإنسان ويُعطي أجوبة عليه. بالنسبة إلى المؤمن، تكمن البداية في إرادة الله المُحِبَّة التي أوجدت الأرض والسماء وكلّ ما في الوجود. وبالتالي، الإنسان هو ثمرة، لا بل ذروة تجلّي محبّة الله على خلقه.

أمّا الكلام عن النهايات فهو أكثر تعقيدًا. فالنهاية في الكتاب المقدّس لا تعني، بأيّ شكل من الأشكال، نهاية أو زوال الوجود. فالزوال يُناقض مبدأ الخلق، ولا يُمكن لله أن يُناقض ذاته. النهاية لها صورٌ عديدة، وهي بقدر ما تُغْني تأمّلنا بالآتي، بقدر ما تجعل حاضرنا غنيًّا بالمعاني.

النهاية هي تجلٍ لحضور الله الدائم معنا. فالمسيح الذي سيأتي هو حاضر معنا، هو الـ«عمانوئيل». النهاية لا تعني ما سيتحقّق في زمنٍ مُحدّد في المستقبل، بل هي انتظارٌ دائم، لهذا نسمع المسيح يدعونا إلى السهر واليقظة. النهاية هي اكتمال للبشارة، وهذا معنى ما يقوله يسوع: “ويُكرز بإنجيل الملكوت هذا في المسكونة كلّها شهادةً لجميع الأمم، وحينئذٍ تأتي النهاية”. وإذا كانت البشارة هي الفرح، فالنهاية هي اكتمال الفرح فينا ومن خلالنا. النهاية تتحقّق في كلّ غلبةٍ للخير على الشرّ. النهاية هي بداية لشيءٍ جديد يُشبه القيامة بعد كلّ موت.