أحد زيارة العذراء

القراءات:

أفسس ١: ١ – ١٤؛ لوقا ١: ٣٩ – ٤٥

في زمن المجيء، ها نحن نتقدّم خطوةً خطوةً متأمّلين في كلّ أحدٍ بمشهدٍ من أناجيل الطفولة كما رواها لنا الإنجيليّ لوقا. واليوم، نتأمّل في حدثٍ عاشته العذراء مريم بعد بشارة الملاك جبرائيل لها؛ زيارتها لنسيبتها إليصابات. لقد اعتدنا أن نتأمّل بهذا المشهد خلال صلاتنا المسبحة الورديّة، وأن نتأمّل بالثمرة الّتي يحملها إلينا: محبّة القريب. فمع مريم نتعلّم ما هي شروط المحبّة المسيحيّة.

المحبّة منبعها الله

“قامت مريم وذهبت مسرعةً إلى الجبل”. (لو ١: ٣٩) نخوة مريم ومحبّتها لنسيبتها لم تكونا نابعتَيْن من ذاتها، إنّما من الكلمة الإله الّذي حملَتْه في أحشائها بعد قبولها بشارة الملاك. في الكثير من الأحيان، نبرّر ذواتنا قائلين: قد لا أخصّص وقتًا كبيرًا للصلاة أو للتأمّل، لكنّي أعمل الكثير من أعمال المحبّة! مع مريم، نفهم أنّ قدرتنا الشخصيّة على الحبّ محدودة، لأنّ هذا الحبّ لن يستطيع أن يثبت أمام التحدّيات والتضحيات الّتي ستواجهه إلّا إذا كان مغروسًا على مجاري نبع الحبّ الإلهيّ.

المحبّة متواضعة

مع مريم نفهم أيضًا المعنى الحقيقيّ للتواضع. فالتواضع لا يقوم فقط على إخفاء بعض الصفات الإيجابيّة فينا، بل هو قبل كلّ شيء، على حدّ قَوْل بولس الرسول، أن “يحسب كلّ واحدٍ منكم غيره أفضل منه” (فل ١: ٣). أن أحبّ يعني أن أنظر إلى الآخر كمستحقٍّ لفعل بذل ذاتٍ من قِبَلي، تمامًا كما نظرت مريم إلى إليصابات، فكانت هي الّتي أخذت المبادرة باللقاء. المحبّة متواضعة، فإن خلَتِ المحبّة من التواضع، تحوّلت إلى فعل شفقةٍ عابر.

المحبّة مجّانيّة

 لم تبحث مريم عن أيّ مقابلٍ لزيارتها، إنّما غايتها الوحيدة كانت تمجيد الله على العظائم الّتي صنعها معها، وبهذه العظائم ارتبطت الطوبى الّتي ستؤدّيها لها الأجيال بأجمعها! المحبّة مجّانيّة، لا تبتغي أيّة غاية، لأنّها الغاية بذاتها. وهذا يعني عمليًّا التجرّد من كلّ التعزيات، حتّى المعنويّة منها، الّتي قد نترجّاها إزاء أيّ فعل حبّ. وأخيرًا، المجّانيّة في المحبّة هي المساحة الّتي نعطيها في ذواتنا وفي الآخرين لكيما يفيض الفرح والسلام، كما تهلّلت إليصابات إذ قالت: “منذ وقع صوت سلامك في أذنيّ حتّى ارتكض الجنين ابتهاجًا في بطني.” (لو ١: ٤٤) آمين.