تهنئة العذراء مريم

القراءات

أفسس ١: ٣-١٤؛ لوقا ١: ٤٦-٥٥

في قلب الميلاد وقفةٌ أمام مريم التي تحمل ابنها يسوع. تنظُرُ إليه وتتأمّل بهاءَ وجهه وجمالَ نوره. تغمره وفي قلبها صدًى لكلام الملاك الذي زارها حامِلًا إليها البشارة بالابن الإلهيّ. تحتضنه وتحتار بأيّ اسمٍ تُناديه. فهو ابنها وهي أَمَته. هي أمّه وهو ربُّها. هو خلقها وهي أنجبتْه إلى العالم. هي تسكب عليه من دفْء حُبِّها له، وهو يفيض عليها من نِعَمِه طهارةً ونورًا. فما بين مريم والطفل الإلهيّ علاقةٌ فريدةٌ من نوعها، فهي له أمّ وأَمَة، وهو لها ربٌّ وبكر.

في قلب الميلاد وقفةٌ تضعنا إلى جانب مريم. فهي أيقونةُ إنسانيّتنا الممتلئة من النّعم الإلهيّة. فيها يتجلّى بهاء الخليقة التي أبدعها الله “على صورته كمثاله”. تنظر إلينا وفي حضنها ابنها، تدعونا إلى التأمّل به والاقتراب منه. مريم تُعطي الإنسانيّة أخوّةً بابنها وله، وتعطيه إنسانيّتنا ليرفعها بتواضعه ويُقدّسها بحضوره. بحبِّها لابنها تختصر شَوْقَنا إلى الله، وانتظارَنا إلى مُلاقاته والاتّحاد به. وبحبّها لنا تحمل الله إلينا لنمتلئَ بغِنى تجسُّدِه.

في قلب الميلاد وقفةٌ لنتأمّل بمريم صورة الكنيسة التي تولد في مغارة بيت لحم. كنيسةٌ متواضعةٌ على صورة المسيح المتواضع رأس الكنيسة، فقيرةٌ بما يكفي ليختارَها الربّ مكانًا لائقًا لحضوره، جميلةٌ ببساطتها لتجتذبَ كلَّ الشعوب ولتصيرَ المُلتقى للسّائرين من كلّ الأقطار، متألِّقة بالرجاء لتُضيء بالفرح والبهجة على الإنسانيّة المتألِّمة والمنتظرِة خلاص الربّ. كنيسةٌ على صورة مريم، تُعطي ذاتها للمسيح لكي تكون أهلًا لأن تعطيَه إلى العالم.