أحد وجود الرّب في الهيكل

القراءات

عبرانيين ٧: ١١-١٩؛ لوقا ٢: ٤١-٥٢

وجداه في الهيكل، جالسًا بين العلماء، يسمعهم ويسألهم(لو ٢: ٤٦)

 إنْ تأمّلْنا في نصّ وجود الرّب في الهيكل، لَوجدْنا أنه حدثٌ مفصليّ يختَتِم به الإنجيلي لوقا مرحلة طفولة يسوع ليبدأ مرحلةً جديدة، مرحلة رسالته العلنيّة. في هذا الأحد، نسمع المسيح يتكلّم للمرّة الأولى وهمّه أن “يكون في ما هو لأبيه” (لو ٢: ٤٩) من جهة، و من جهة ثانية، أن يكون “طائعًا” لمريم ويوسف اللَّذيْن بحثا عنه بتوجّع. إنّ مسيرة يوسف ومريم في البحث عن يسوع، هي مسيرة كلّ مؤمن. ولكي يكون الإنسان مؤمنًا عليه أن يتشبّه بالمسيح الّذي يسمع ويسأل.

كان يسمع

على كلِّ عائلة يهوديّة مؤمنة وملتزمة دينيًّا، أن تحجَّ ثلاث مرّات إلى أورشليم. فمن المؤكَّد أنَّ الطفل يسوع كان دائمًا برفقة والدَيْه في مسيرة الحجّ هذه كعادتهما في كلّ سنة. ولكن هذه المرّة تختلف عن سابقاتها، لأنّ الشريعة تقتضي على الطفل الّذي يبلغ الثانية عشرة من عمره، فريضة تقدمة الذّبيحة والتّقرّب من الله. وفي هذا العمر تبدأ مسيرة التتلمذ، أي ما يُعرف عندنا اليوم بالاستعداد للمناولة الأولى. ويسوع الّذي كان “ينمو بالقامة والحكمة والنعمة أمام الله والنّاس” كان يُدهش “الّذين يسمعونه بحكمته وأجوبته”. وعلى الرّغم من ذلك، نجده قدوة لنا بالطاعة لكلمة الله، وهو بدوره يعيش بحسب عمره وصيّة ابن سيراخ القائل: “كن سريعًا في الاستماع، وبطيئًا في الإجابة” (سي ٥: ١١).

ويسأل

الله لا يجيب فقط ولكنّه يسأل. كم من مرّة يوجّه الله لنا أسئلة وأوّلها “آدم أين أنت؟”. ففي السؤال بحث واهتمام وتواضع. إنّ الاندهاش برأيي لا يكمن فقط في أجوبة هذا الطّفل الإلهي بل أيضًا في أسئلته. والعذراء سألت ابنها أيضًا “لِمَ صنعت بنا هذا؟…” وجوابه المدهش”لماذا تبحثان عنّي ألا تعلمان أنّه يجب أن أكون في بيت أبي؟”، جعل مريم تعي عَظَمَة هذا السرّ فراحت يومًا بعد يوم تتأمل بهذه الأحداث في قلبها. يقول الإنجيلي لوقا إنّهما “لم يفهما الكلمة الّتي قالها لهما”، وهذا يعني أنّ يوسف ومريم هما مثال الإنسان المؤمن الّذي يبحث عن الله، واثقًا بالكلمة الّتي أعلنها الرّب له، ولأجل هذه الكلمة يثبت في الرّجاء ويجاهد في المحبّة.

صلاة

أعطنا يا ربّ نعمة التّواضع والاستماع والتّساؤل لكي نزداد يومًا بعد يوم معرفة بك بنعمة الإيمان، وثقة بكلمتك بثباتنا في الرّجاء، لك المجد إلى الأبد.