الأحد الأوّل بعد الدنح: إعتلان سرّ المسيح ليوحنا المعمدان

القراءات:

٢ قورنتس ١٠: ١-١١؛ يوحنا ١: ٢٩-٣٤

 

رأى يوحنا يسوع مقبلًا إليه” (آ ٢٩)

 نسمع في إنجيل هذا الأحد، يوحنا المعمدان يكرّر ويؤكّد “ما كنت أعرفه”. ولكن هل يُعقل ألَّا يعرفه، هو الذي تعرّف على المسيح وهو لا يزال في أحشاء والدته اليصابات عندما زارتها العذراء؟ فهل يُعقل ألَّا يعرف الأقارب بعضهم بعضًا؟ قد يجوز هذا في أيّامنا وليس في أيّام المسيح! إنّ يوحنّا يوضح لنا ما قاله القديس بولس: “وإذا كنّا عرفنا المسيح يومًا بحسب الجسد، فنحن لا نعرفه الآن هذه المعرفة” (٢ كور ٥: ١٦).

دور الرّوح القدس في معرفتنا للمسيح

“لا يقدر أحد أن يقول: «يسوع ربّ!» إلَّا بإلهامٍ من الرّوح القدس” (١كور ١٢: ٣). للرّوح القدس دور أساسيٌّ في معرفتنا للمسيح. فكثيرون، كما يُخبرنا الإنجيل، لم يرَوا فيه إلَّا ابن النّجار وابن مريم. أمّا يوحنا الّذي امتلأ من الرّوح القدس وهو كان لا يزال جنينًا، مصغيًا لإلهامات الرّوح، والّذي رأى “الرّوح القدس ينزل من السّماء مثل حمامة ويستقرّ عليه” (آ 32)، فاستطاع أن يعرفه معرفة إيمانيّة وخلاصيَّة لا معرفة جسديّة.

دور الآب والابن

“الّذي أرسلني لأعمّد بالماء قال لي…” (آ 33). إنّ الآب، مصدر كلّ شيء ومصدر كلّ معرفة، الّذي “في هذه الأيّام الأخيرة كلّمنا بابنه” (عب 1: 2)، والّذي يكشف لنا حقيقة المسيح “طوبى لك يا سمعان! ما كشف لك هذه الحقيقة أحد من البشر، بل أبي الّذي في السّماوات” (مت 16: 17)، هو الّذي يكشف لنا بواسطة الرّوح القدس عن الابن في الكنيسة، لكي نكون نحن بدورنا شهودًا.

دور الشّاهد

“وأنا رأيت وشهدتُ أنّه هو ابن الله” (آ 34). إنّ من يختبر نعمة هذا اللّقاء لا يمكنه إلَّا أن يكون شاهدًا له. هكذا اختبر يوحنَّا هذه الحقيقة فكرّس كلَّ حياته لها؛ ومن بعده الرّسل، وتَليهم جماعة المعمّدين. لذلك، نحن اليوم مدعوّون إلى أن نعيش حياة روحيّة يقودها الرّوح القدس، لنصغيَ إلى كلمة الله ونعيشَ الأسرار، فنعلن عندها مِثْل يوحنَّا، نحن الّذين لم نكن نعرفه هذه المعرفة، إنّنا رأينا ونشهد أنّه هو ابن الله. آمين.