أحد مدخل الصوم: آية عرس قانا الجليل

القراءات:

روما ١٤: ١٤-٢٣؛ يوحنا ٢: ١-١١

من وليمة عرس قانا إلى وليمة عرس الحمل

إنّ زمن الصّوم هو زمن العودة إلى الفردوس، وزمن التّغيير والتحوّل في حياة الإنسان المؤمن. فوحده الإنسان بين كلّ خلائق الأرض يمكنه أنْ يقفَ ويُسائلَ نفسه، ويقيّمَ سلوكه. والصّوم هو هذا الإنذار الّذي يُذكّرنا بأنّه “ليس بالخُبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله” (مت ٤: ٤). يتحوّل الماء، في هذا الأحد، إلى خمرة، وبذلك رمز إلى الخمرة الّتي تتحوّل إلى دم المسيح، ودعوة لكلّ مؤمن إلى أن يعيَ حضور الله في حياته اليوميَّة وإلى أنْ يسعى إلى تحويل مسلكه.

١. من أجاجين الماء إلى خمرة العرس

يُحوّل المسيح الماء في عرس قانا الجليل إلى خمر، وهو بذلك ينقلنا من وليمة عرس قانا الجليل إلى “وليمة عُرس الحمل (رؤ ١٩: ٩) الّتي تمّت على الصّليب. والملفت أنّه في العُرسين كانت مريم حاضرة. في قانا تلفت الانتباه إلى نفاد الخمر، وعلى الجلجلة تقف عند أقدام الصّليب. إنّ الماء الّذي صار خمرًا في عرس قانا الجليل، لم نتمكّن من الاستقاء منه، ولكنّه يبقى رمزًا لدم المسيح الّذي نحن مدعوّون إلى أن نشربه من أجل الحياة الأبديّة.

٢. من وليمة عرس قانا إلى وليمة عرس الحمل

نحن مدعوون إلى مَعينِ نبع الحياة، الذي هو كلمة الله الّتي لا تجِفّ أبدًا، وكذلك إلى الأسرار، وبخاصّة سرّ الإفخارستيّة، أي جسد المسيح ودمه المُحيي. فالمسيح نفسه قال “أنا هو خبز الحياة، من يُقبل إليّ فلن يجوع، ومن يؤمن بي فلن يعطش أبدًا” (يو ٦: ٣٥). ومن يشرب من هذه الينابيع لا بدَّ من أن يتحوَّل مسلكه إلى الاتجاه الصحيح.

٣. حوَّلَ مسلكَه إيمانًا

عندما يعي الإنسان كم هو محبوبٌ من الله، وكيف أنّ الله خلقه أوّلًا في الفردوس، على صورته ومثاله، ثمّ خلقه بماء العماد، ودعاه إلى وليمة عرس الحمل، من أجل تناول “الخبز النّازل من السّماء، والّذي يأكل منه لا يموت” (يو ٦: ٥٠)، فلا بدّ له من أن يتوبَ إلى الرّب ويعودَ إلى الحب، مغيّرًا في مسلكه، مستعينًا بالصّوم كوسيلة لكي يعودَ إلى نفسه، ثمَّ إلى الله.

صلاة

علّمنا يا ربّ أن ننتصر بك وبقوّتك على جميع تجارب الشّيطان مثلما انتصرت أنت عليه خلال صومك في البريّة أربعين يومًا؛ ساعدنا أن نَصِلَ إلى هذه الغاية ونُغيِّرَ ذهنيّتنا ونجدّدَ مقاصدنا ونُقَوِّمَ اتّجاهنا، من خلال زمن الصّوم المبارك، لك المجد ولأبيك ولروحك القدّوس الآن وإلى الأبد، آمين.