أحد الشعانين

القراءات:

فيلبي ١: ١-١٣؛ يوحنا ١٢: ١٢-٢٢

ها هو العالم قد ذهب وراءه(يو ١٢: ١٩)

بعد مسيرة زمن الصّوم وأسابيعه الغنيّة بالآيات والشّفاءات الجسديّة والرّوحيّة، نَصِل اليوم إلى أحد الشّعانين الّذي يلي سبت قيامة لعازر. ونجد أنّ جموعًا كثيرة تبعت يسوع لأنّها سمعت بأنّه أقام لعازر من الموت. لذلك اغتاظ الفرّيسيّون وقالوا: “ها هو العالم قد ذهب وراءه” (يو ١٢: ١٩). ولكن، هل يُعقل أنّ كثيرًا من الناس قد تبعوه فقط لأنّه صنع المعجزات؟ أم لأنّهم لم يسمعوا من قبل مثل هكذا كلام؟ ألم يقل هو مؤكّدًا “كما علّمني أبي، هكذا أنا أتكلّم” (يو ٨: ٢٨).

١. يسوع الآتي من الله

إنّ الإنسان الحُرّ من كلّ قيد ولا يخاف قَوْل الحقيقة، لا يُمكنه إلاّ أن يرى في المسيح الرجل الصالح الذي يعمل أعمال الله، وهذا ما سمعناه من الفرّيسي نيقوديموس وهو أحد رؤساء اليهود، عندما جاء إلى يسوع ليلاً واعترف له: “رابي، نحن نعلم أنّك جئتَ من الله معلّمًا، لأنّه لا أحد يَقدرُ أن يصنع الآيات الّتي أنت تصنعها ما لم يَكن الله معه” (يو ٣: ٢).

٢. يسوع يُعلن ملكوت الله

نجد من خلال الأناجيل أنّ رسالة المسيح هي إعلان لملكوت الله. وبعد القبض على يوحنّا المعمدان، ذهب يسوع إلى الجليل وأخذ يُبشّر بإنجيل الملكوت ويدعو النّاس إلى التّوبة والإيمان، لأنّ ملكوت الله اقترب وأصبح في ما بينهم. ونرى ذلك بوضوح عندما أجاب يسوع نيقوديموس قائلًا له: “لا أحد يقدر أن يرى ملكوت الله ما لم يولد من جديد” (يو ٣: ٣). ومن هنا أهميّة الأسرار وبخاصّة سرّ العماد الّذي يجعلنا أبناء بالتّبني لميراث هذا الملكوت.

٣. مملكته ليست من هذا العالم

إنّ الّذين تبعوا يسوع “وحملوا سعف النّخل وهم يَصيحون: هوشعنا! مباركٌ الآتي باسم الرّب، ملك إسرائيل” (يو ١٢: ١٣)، هم أنفسهم الّذين سوف يصرخون أمام بيلاطس “اصلبه اصلبه”. والمسيح أكّد لبيلاطس بأنّه ملك ولكنّ “مملكتي ليست من هذا العالم” (يو ١٨: ٣٦). وهذا ما سوف نلمسه من خلال تأمّلنا بأسبوع الآلام، وبخاصة أمام مشهد الصّليب، وكيف أنّ الإنسان الّذي ينفتح على نعمة الله، وهنا أعني اللّص التّائب، يمكنه أن يرى في المسيح هذا الملك، لذلك قال له مصلّيًا “أذكرني متى أتيت في ملكوتك” (لو ٢٣: ٤٢).

صلاة

علّمنا يا ربّ أنّ نردّد صلاة القدّيس بولس حين قال “هذه هي صلاتي أن تزداد محبّتكم أكثر فأكثر في كلّ فهمٍ ومعرفة، لتميّزوا ما هو الأفضل، فتكونوا أنقياء وبغير عثار إلى يوم المسيح، ممتلئين من ثمر البرّ بيسوع المسيح لمجد الله ومدحه” (فل ١: ٩-١١).